العرب الذين إستعبدتهم وقسمتهم إتفاقيات سايكس بيكو سكتوا عن الحق والحقوق وبدأ الباطل يقودهم ويتحدون ويهلهلون من أجله. يقف اليوم من جديد جمعُُ منهم كالعبيد وبخضوع تام للغزاة من كل صوب وجهة. إستراتيجية أوباما للحرب بالوكالة التي هلّل لها قادة العراق وباركتها الدول العربية وتبنتها الجامعة العربية ومؤتمر جدة هي على المدى القريب والبعيد ضرر كبير على وحدة العراق، أراضيه، وتأخي مكوناته وقومياته وهدف تحرره، فالخطة الأستراتيجية الأمريكية تقوم على وضع تحالف عربي أسلامي رمزي يقاتل تحالف إسلام همجي هجيني يمثل إرهاب الجماعات المتطرفة المختلفة ودولة الخلافة الأسلامية وحصر ميدان القتال داخل دولتين فقط هما العراق وسوريا، وبقيادة وتوجيه الجنرال الأمريكي المتقاعد جون ألن.

إستراتيجية الخديعة هي نوع من الذكاء السياسي التي حثت الأدارة ألمريكية العرب عليها بشدة وبزيارة تأكيدية تنفيذية من جان كيري وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة وبمشاركة عراقية من المغفلين السذج في تحليل ومعرفة سياسات الدول الأجنبية وعدم الحرص على أهل العراق وسلامة أبناءه من القصف والدمار وأضرار سقوط القنابل على مدن وقرى وهضاب وبيوت الضحايا، وأستغفال بعضهم البعض عن الرؤية البعيدة الأمد للخطة الأمريكية التي وضعها علماء الفكر السياسي الغربي وأُسندت عسكرياً الى قيادة وتوجيه الجنرال الأمريكي جون ألن تتلخص في قول أوباما " إن هدفنا واضح وهو إضعاف التنظيم المتشدد وتدميره في نهاية المطاف من خلال إستراتيجية شاملة ومتواصلة لمكافحة الإرهاب". وقوله أنه "ليس لدينا إستراتيجية بعد للتعامل مع تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا".

وأخبار التهليل والترحيب العربي كشفته أعمال الدورة العادية الـ142 لوزراء الخارجية العرب في القاهرة يوم 7 أيلول سبتمبر 2014 بتصريح الأمين العام للجامعة بضرورة (تجفيف منابع الأرهاب). وهي من العبارات المهلهلة المستحسنة للأعلام العربي والتي تُضاف ألى خطاب أوباما الأخير في البيت الأبيض وأجتماعات جدة حيث تتداخل كلها في محور الصراع ضد الأرهاب وإضعاف همجية مقاتلين عرب وأجانب والحركات الجهادية الأسلامية لفروع القاعدة وتنظيمات تعمل تحت عناوين مختلفة بحصر هذا الأرهاب اليومي داخل العراق وسوريا للسنوات العشر أو العشرين القادمة وتزويد الأطراف المعنية بالسلاح والعتاد وقيادتهم الى الدمار.&

ولتفصيل الأحداث للقارئ العربي، فأني أبدأ بالتغييرات التي طرأت على العالم، وهو العالم السريع الحركة والفهم. عالم توجهه العديد من المنظمات والمؤسسات السياسية الاستشارية الدولية والثقافية المتخصصة، وحركات الشبيبة وطلبة الجامعات. وبالنسبة للشرق الأوسط،تدور تساؤلاتهم: عمن هم شركاء العراق في المنطقة، وماهي مسؤولياتهم لحقيقة أو كذب تفعيل مصطلحات مهلهلة "لتجفيف منابع الأرهاب" بعد أن دخل العراق أكثر من 30 ألف جهادي؟&

محنة جيل من القيادات الحزبية السياسية العراقية أنها لم تستطع إطلاقاً إستخلاص العبر والدروس والتغيرات التي طرأت على العالم، ومازالوا يجترون من ماضيهم المرير المعقد المريض مجتمعياً القليل من المعرفة عن عالم التخطيط الغربي الأوروبي الأمريكي المختص في إبعاد شرور الأرهاب وسقوط القنابل والقذائف على مدنهم وسكانها. عالم يهمه حصر الدمار في العراق وسوريا وخنق الأطراف الأسلامية" أيناً تكون" وأرهابها اليومي للصراع داخلها، فالدول الغربية الثقافة والتحضر تسعى وتشعر بمجهود مسؤوليها وحكومتها أن لديها واجب أخلاقي وحضاري يتمثل في إبعاد الخطر عن سكانهم والبنية التحتية وصروح الحضارة التراثية، على عكس دول ترحب بالقتال في أراضيها. أنه الجيل الجديد من السياسيين وبكل ماهو جديد.&

وثقافة السياسات العربية في العلاقات الدولية لم يطرأ عليها التغيير ومازالت لاتتجاوز مهمة الجلوس على موائد المفاوضات والخروج منها ببيانات وتصريحات. فتحليل إستراتيجية أوباما للحرب بالوكالة، وتلاصق أجتماعات الجامعة العربية وأجتماعات جدة مع سياسة البيت الأبيض توصلني الى حقيقة إستراتيجية الخديعة الغربية المعروفة تاريخياً ن وهي كحقيقة لجوء العرب الى لورنس الضابط البريطاني ليقود الجهاد العربي ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى وإتفاقيات سايكس - بيكو وخديعة الربيع العربي ومأسيه التي أدت الى دمار مصر وليبيا وتونس وسوريا والعراق.

إستراتيجية أوباما الحالية التي هلّل لها قادة العراق وباركها زعمائه هي وضع المسؤولية القتالية على عاتق الحكومة العراقية لحرب لايريد لأمريكا أن تنغمس فيها ويكون العراقيون الضحايا الأوائل لها. وفي الأمكان تلخيصها في أن تكون : الضحية العراق. شبابه يشكلون وقود المعركة لسنوات، ميدان القتال داخل محيطه وحدود الدولة العراقية، وتساقط قنابل الحلفاء على أرضه وسكانه ومزارعهم وبيوتهم وممتلكاتهم وجسورهم وجامعاتهم ومساجدهم وملاعبهم، وحلبة النزال مفتوحة لمن يرغب بمد يد العون العسكري للقضاء على الفكر الوثني للجماعات الأرهابية ودحرها إن أمكن.أمريكا لتوريد السلاح والعتاد وتسليمه للمقاتلين و25 مليون دولار خصصتها أدارة أوباما للجماعات الجهادية لتمكينها من خنق النظام السوري وأضعاف القوي وتقوية الضعيف وسياسة فرق تسد القديمة الجديدة. هذه هي الأستراتيجية الأمريكية المفتوحة للعرب والتي قُدِر لها أن تطول لأكثر من 3 سنوات والتي تسرّع لها العراق متلهفاً على قبولها، مع علمي أنها ولن تناقش على المستوى المطلوب في العراق.&

الأحراج والخيبة أن وزارات الخارجية العربية يهمها صياغة البيانات والتصريح بشأنها للصحافة كي تذاع على شعوبنا ويعلسها العامة بمضض. ويعرف الجميع أنها غير جدية في تحويل التصريحات الى الأجراءات. ويعرف القادة بينهم أنها بالونات هوائية تعلسها دور الأعلام والصحافة العربية كأخبار مع أنها تفتقر الى أي صيغة للخبر، ويجدون في صياغتها راحة ضمير نفسية تساعد في التقليل من هموم الناس للهجمات الأرهابية والتفجيرات التي تقوم بها وتتسابق إليها الحركات الجهادية.

&

باحث وكاتب سياسي&