&بعد أكثر من عامين من وصول حسن روحاني إلى سدّة الرئاسة في نظام الملالي يمكننا أن نلقي نظرة عابرة إلى ما جرى في داخل إيران وفي محيطها الإقليمي لنعرف أن هل كان روحاني صادقاً في طرحه شعار «الاعتدال» و«الوسطية » و«الانفتاح» على العالم. أم إنه كان نسخة أخرى من كتاب ولاية الفقيه وكان متطابقاً مع سالفه أحمد نجاد و منسجماً مع خلفيته حيث كان منذ البداية من أركان السلطة في نظام الملالي.

يقول حسن روحاني أنه لما جاء للرئاسة وعد بأن يتعامل مع العالم بمنطق الاعتدال ويدعي بأنه كان وفياً بعهده حيث استطاع من اجراء المفاوضات مع العالم والوصول في نهاية المطاف إلى اتفاق.

لكن الواقع يقول أن المفاوضات النووية بدأت قبل مجئ روحاني وأن خامنئي كان مهندس هذه المفاوضات حيث صرّح بذلك عدة مرات. والسبب الذي كان وراء قبول النظام لهذه المفاوضات وتراجع خامنئي من الخطوط الحمراء وقبول الاتفاق لم يكن روح الاعتدال والوسطية بل كان بسبب تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية من جراء العقوبات المفروضة، وخوف نظام ولاية الفقيه من أن تتحول هذه المشاكل إلى احتجاجات وانتفاضات شعبية، مما حذّر منه أجهزة النظام الأمنية وزعماء النظام باستمرار؛ ولاشك أن الانتفاضة الشعبية هي الخط الأحمر الأول لخامنئي. نعم هذا كان السبب وراء رضوخ ولاية الفقيه للمفاوضات النووية وما آلت إليه وليس ما يدعيه روحاني.

لنترك القضية النووية جانباً ونذهب إلى واقع ما جرى وما يجري داخل ايران وخارجها ونسأل: هل الظروف الاقتصادية للشعب الإيراني تحسّنت خلال رئاسة روحاني؟ وهل تدنّى مستوى الفقر والجريمة؟ وماذا صار بشأن غلاء الأسعار والتخضم؟ وماذا كانت حصيلة عمل حكومة روحاني على صعيد البيئة؟ هذه المؤشرات ومئات من أمثالها تشير إلى أن الظروف المعيشية والاقتصادية تدنّت بكثير عما كانت سابقاً.

لكن هناك مجالان قد فاز فيهما روحاني أكثر من سوابقه وهما القمع وتصدير الإرهاب. ولاحاجة إلى النقاش أن من يريد التعامل والانفتاح مع العالم لايمكن أن يصعّد من وتيرة القمع في الداخل وتصدير الإرهاب إلى الخارج.

فالواقع يقول أن عدد الإعدامات في عهد روحاني تجاوز إلفي حالة إعدام وهذا العدد يعادل تقريباً ضعفي ماكان في عهد أحمدي نجاد. جميع الهيآت الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان أعربت عن قلقها واستنكارها لفورة الإعدامات في إيران في عهد روحاني. منظمة العفو الدولية، والمقرر الخاص لحقوق الإنسان لإيران الدكتور احمد شهيد والأمين العام للأمم المتحدة و... قدموا تقارير في هذا المجال. علي سبيل المثال أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا لها في 23 تموز من هذا العام بعنوان « فورة الإعدامات " المذهلة": تنفيذ حكم الاعدام فيما يقرب من 700 في أكثر من ستة أشهر بقليل». وجاء في هذ التقرير «أن السلطات الإيرانية نفذت حكم الإعدام بحق عددد مذهل من الأشخاص يبلغ 694 شخصا بين 1 يناير و 15 تموز 2015، في ارتفاع غير مسبوق لعدد عمليات الإعدام في البلاد. وهو ما يعادل إعدام أكثر من ثلاثة أشخاص يومياً. وبذلك تتجاوز إيران العدد الإجمالي لعمليات الإعدام في البلاد التي سجلتها منظمة العفو الدولية العام الماضي بأكمله.... ومن بين الذين أعدموا في إيران أفراد من الأقليات العرقية والدينية أدينوا " بمحاربة الله" و "الفساد في الأرض" بمن في ذلك السجناء السياسيون الأكراد والسنة...واستنادا إلى أعمال الرصد الذي تقوم به منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان، يعتقد أن عدة آلاف من الأشخاص ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام في إيران...».

ولأن الإعدام هو المؤشر الأول للقمع أصبحت إيران خامنئي وروحاني البلد الأول في العالم في هذا المجال. لكن حتى لا يتغيب عن بالنا المواضيع الأخرى نذكر بعض الأرقام والحقائق نقلا عن المصادر الرسمية للنظام: كل عام يدخل ستمائة الف شخص السجن، غرفة الاقتصاد العالمية ذكرت في أخر تقريرها بشأن التمييز الجنسي لعام 2015 أن ايران تحتل المرتبة 137 بين 142 بلدا في العالم، وكتبت وكالة تسنيم للأنباء التابعة لقوات القدس أن 70% من العمال الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر كما أعلن علي لاريجاني أن حوالي 50% من متخرجي الجامعات عاطلين عن العمل، وفي المقابل كل يوم يتم الإعلان عن مليارات من الفساد الاقتصادي، وأعلنت مؤسسة غالوب في تقريرها لعام 2015 أن العراقيين هم أول شعب يعانون من الكئابة في العالم يليهم الإيرانيون. وهناك مئات من هذه الحقائق التي تشير بوضوح مدى فشل حكومة روحاني في حل أي مشكلة من المشاكل المستعصية لأبناء الشعب الإيراني.

مع الأسف الغرب بقي لامبالاة حيال موجات الإعدامات وكل هذه الجرائم والظروف التي تفوق طاقة الإنسان والسبب هو أن الغرب كان يسعى من أجل التوقيع على الاتفاق النووي مع هذا النظام. والنظام بالعكس تماماً من جهة يخاف من تراخي القبضة الحديدية على الشعب وفلتان الشارع من القمع فيستغل لامبالاة الغرب والاتفاق النووي معه لتصعيد وتيرة القمع في مختلف مناحي الحياة.

وفي ما يتعلق بتصدير الإرهاب أيضا لاشك أن النظام قد صعّد في الآونة الأخيرة من تدخلاته السافرة في الدول الأخرى. وليس هناك شرح أوفى من الأخبار الواردة هذه الأيام في هذ المجال كاحتجاز السفينة الإيرانية المحمّلة بالاسلحة لجماعة الحوثيين في اليمن، أو الكشف عن مؤامرة جديدة ضد مملكة البحرين وإرسال كميات كبيرة من الاسلحة والمتفجرات ويقال أن حجم المؤامرة والاسلحة والمتفجرات كانت أكثر بكثير عما أعلنت. على أية تحوّلت الممارسات الأخيرة إلى الشعرة التي قصمت ظهر البعير وأدت إلى قطع العلاقات بين البحرين واليمن مع نظام الملالي. وهذه خطوة رحّبنا بها بصفتنا المقاومة الإيرانة وأملنا أن الدول الأخرى العربية والاسلامية التي تعاني من تدخلات النظام الارهابية أن تحذو حذو البحرين واليمن.

ولفهم مدى دجل الملا روحاني وضحكه على ذقون العالم تجدر الإشارة إلي خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل سبعة أيام- نقلا عن رويترز- عند ما قال "مثلما ساعدنا في إرساء الديمقراطية في العراق وأفغانستان نحن مستعدون للمساعدة في تحقيق الديمقراطية في سوريا وايضا اليمن." كما صرح "نحن مستعدون للمساعدة في القضاء على الإرهاب وتمهيد الطريق للديمقراطية." هذا الدجل والضحك على ذقون الجميع يمكن أن نراهما عند ما تجاوز روحاني حدوده في مجال الدفاع عن بشار المجرم وصرّح «اعتقد اليوم أن الجميع يوافقون على بقاء الرئيس الاسد في منصبه حتى نتمكن من قتال الإرهابيين». نظرة بسيطة إلى هذه التصريحات لاتبقى أي شك بأن روحاني هو خامنئي في هذه المواقف.

وقد أحسن السيد عادل الجبير وزير المملكة العربية السعودية في الردّ على صلافة روحاني الذي يصف الانقلاب ضد الشرعية في اليمن والإرهاب وقتل مئات الآلاف من الأبرياء في سوريا وتشريد ملايين منهم بـ «الديمقراطية»، حيث أكد عادل الجبير رداً على سوآل لقناة العربية في هذا المجال بقوله:، “آخر من يتحدث عن الديمقراطية يجب أن يكون الرئيس الإيراني، ففيما يتعلق بسوريا، لولا إيران لما كان هناك الخراب والدمار والقتل الذي نشهده الآن في سوريا، فهي تدعم نظام بشار الأسد، عن طريق إرسالهم لآلاف المقاتلين الإيرانيين، وإشعالهم للفتنة الطائفية بين السنة والشيعة في سوريا والمنطقة بأكملها، وتجنيدهم لميليشيات حزب الله وميليشيات أخرى في المنطقة وإرسالها لسوريا للدفاع عن نظام بشار الأسد”.

وفي رد على قول روحاني باستعداد إيران للإسهام في حل سياسي في اليمن، قال الجبير “...الإيرانيون هم أحد الأسباب الرئيسة في الحرب الآن في اليمن، وهم يحاولون أن يزيدوا إشعال النار عن طريق محاولة تهريب السلاح للحوثيين في مخالفة للقوانين الدولية وقرار مجلس الأمن 2216، وآخر محاولة كانت يوم السبت حين تم اعتراض باخرة إيرانية محملة بالسلاح ومتجهة للحوثيين، فآخر من يتكلم عن الأمن والاستقرار في اليمن هم الإيرانيون”.

أعتقد أن تصريح عادل الجبير واف بالمقصود وغني عن التعليق إلا أن نقول إذا كانت هذه مواقف الملا روحاني في أعلى موقع دولي وعلى منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة فما ذا ستكون هذه الموافق في التعامل مع السجناء السياسيين في غياهب الزنزانات وفي الكواليس الخاصة بهم ولقاءاتهم مع نظرائهم من أمثال بشار الأسد وحسن نصرالله وقادة الحوثيين وغيرهم من أئمة الشرّ والإرهاب والتطرف.

مروراً بهذه المواقف نصل إلى ما قام به أبناء الجالية الإيرانية في نيويورك يوم خطاب روحاني في الامم المتحدة بمعاضدة وتعاون مع إخوانهم من سوريا واليمن والعراق حيث أقاموا مظاهرة كبرى وفضحوا أمام أعين العالم حقيقة الممثل الملالي في الأمم المتحدة وأعلنوا أن روحاني لايمثل الشعب الإيراني ويجب طرد هذا النظام الإرهابي من الأمم المتحدة. وعند ما يسمع العالم هذا النداء من لسان الإيرانيين والسوريين واليمنيين والعراقيين وكل من اكتوى بنار الملالي فلاشك أن أثره أوقع.

&