كي يكون الرد الكردي صائبآ ومؤثرآ، في مجابهة الحرب التركية الهمجية ضد الشعب الكردي، يجب فهم أسباب هذه الحرب وأهدافها، وقرأءة المواقف الدولية والواقع السوري والكردستاني، قرأة واقعية وبعيدة عن الشعارات والحماس الثوري، حتى لا يقع الكرد في مطبات، تفقدهم كل ما أنجزوه حتى الأن بدماء أبنائهم، ويبعدعهم عن تحقيق أهدافهم في غرب وشمال كردستان.

ومثل هذه القراء بحاجة، إلى رأس بارد وأعصاب قوية بعيد عن التشنج والخوف الذي قد يجوز أصاب البعض، جراء إحدث الدولة التركية الكثير من الضجيج والغبار حول نفسها مؤخرآ، ظنآ منها إن ذلك سيخيف الكرد. ولكنني أجزم بأن الكرد الذين يقاتلون ويعملون في الميدان وهم المعنون بذلك، لا تخيفهم مثل هذا العويل الصاخب، لأنهم خبروه من قبل، ولا شيئ جديد في الهوبرة التركية الأخيرة.

إن نظرة فاحصة إلى أسباب هذه الحرب التركية القذرة ضد الشعب الكردي وأهدفها، سنكتشف الأسباب والأهداف الأتية:

الأسباب:

- فشل تركيا في إسقاط النظام السوري على مدى أربعة أعوام.

- تمكن الكرد من تشكيل قوة حقيقية على الأرض، وإنشائهم كيان خاص بهم على حدود تركيا الجنوبية.

- فشل المنظمات المتطرفة المدعومة تركيآ، من منع قيام كيان كردي ولا عرقتله.

- خسارة حزب العدالة والتنمية الإنتخابات البرلمانية الأخيرة.

- فوز الكرد في الإنتخابات البرلمانية التركية الأخيرة، ودخول حزب (ه د ب) إلى البرلمان، وحصوله على نسبة 14% من عدد أصوات الناخبين.

- سيطرة الكرد السوريين على حوالي 60% من الحدود السورية مع تركيا إلى الأن.

- التعاطف الدولي الهائل مع الشعب الكردي وقوات الحماية الشعبية.

- نبذ تركيا عالميآ لوقوفها مع المنظمات المتطرفة العاملة في سوريا وفتح أراضيها أمام هذه المجموعات البربرية.

- تعاون الولايات المتحدة الأمريكية مع قوات الغريلا، التابعة لحزب العمال الكردستاني في جنوب كردستان.

- وصول نيران الحرب السورية، إلى الثوب التركي وإن بشكل خفيف.

- حفاظ حزب العمال الكردستاني على وحدته وعدم تفتته، رغم هدوء جبهات القتال.

&

الأهداف:

- ترميم ما لحق بها من أذى سياسي ودبلوماسي وإعلامي، جراء دعمها للمتطرفين.

- تشويه سمعة الكرد وسحب المبادرة منهم سياسيآ وعسكريآ.

- عرقلة إتمام ربط المناطق الكردية ببعضها، والحد من التطلعات الكردية السورية، لِمَ لها من تأثير كبير ومباشر على أكراد تركيا.

- ضمان دور لها في سوريا المستقبل.

- إستعاد الثقة بحزب العدالة والتنمية، ومن ثم الذهاب للإنتخابات المبكرة.

- حرمان كرد تركيا من إستثمار نجاحهم في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة، سياسيآ ودبلوماسيآ ودستوريآ.

- إفشال مشروع السلام الذي كان قائمآ بين الكرد والأتراك.

- السعي لتحويل القضية الكردية في تركيا من قضية سياسية، إلى قضية أمنية كما فعلوا في الماضي، لحرمان الكرد من حقوقهم القومية والسياسية.

- الضغط على أمريكا لوقف دعمها لقوات الحماية الشعبية، وعدم السماح لهم تخطي نهر الفرات.

- إنشاء منطقة عازلة بين مدينة كوباني وعفرين، لمنع توحيد غرب كردستان.

- التغطية على إنتصارات قوات الحماية الشعبية ضد تنظيم داعش، وجر إنتباه العالم إلى مكان أخر.

بناء على ما تقدم من أسباب وأهداف تسعى الحكومة التركية إلى تحقيقها، يمكن وضع إستراتيجة كردية للرد عليها، مع الأخذ بعين الإعتبار موقف الولايات المتحدة الأمريكية وميزان القوى على الأرض السورية. الإستراتيجية الكردية برأي يجب أن تكون على الشكل الأتي:

أولآ، عدم الإنجرار إلى مواجهات مسلحة مع الجيش والدرك التركي على الحدود.

ثانيآ، الإبتعاد عن المعارك الإعلامية والتركيز على العمل الميداني وبناء أسباب القوة.

ثالثآ، إرسال رسائل للدول الكبرى، تطمئنهم بأن الكرد السوريين لن يسمحو المساس بالحدود التركية وتهديد الأمن التركي. ومن المفيد ترديد هذا الكلام في الإعلام أيضآ.

رابعآ، الإعتماد على الذات وعدم الثقة بالطرف الأمريكي، الذي باع الكرد مرات ومرات.

خامسآ، الإستمرار بنفس الوتيرة لتحرير المناطق الكردية المتبقية في كوباني والجزيرة.

سادسآ، التوجه نحو عفرين لفك الحصار عنها وربطها بكوباني، حتى لو عارض الأمريكان ذلك. لأن المنطقة الواقعة بين جرابلس وعفرين، تشكل رئة التنفس لغرب كردستان. ولا داعي للخوف والقلق من الجانب التركي، فوفق المعطيات الحالية، إن تركيا لن تستطيع التدخل بريآ في سوريا لعدة إعتبارات، منها رفض الروس وإيران&لهذا التدخل، وثانيآ عدم موافقة الحلف الأطلسي على هكذا خطوة، وثالثآ إدارك تركيا بأن الدخول في الأوحال السورية أمر خطير جدآ. ورابعآ بأن الكرد لن يسكتوا ويقفوا مكتوفي الأيدي. ومن هنا على الكرد المضي قدمآ في تحرير مناطقهم، وعدم الخوف من التوجه غربآ، لفك الحصار عن منطقة عفرين وربطها بكوباني. وعدم إرتكاب نفس الخطأ الجسيم، الذي إرتكبه الكرد في جنوب كردستان في التسعينات، عندما خرجوا من كركوك بعد تحريرها من القوات العراقية، بطلب من الأميركان.

الان هناك فرصة ذهبية لتوحيد المناطق الكردية وربطها معآ، وإن لم نقوم بهذه الخطوة الأن، فإن هذه الفرصة التاريخية لن تتكرر مرة إخرى، وسيبقى التواجد الإرهابي في هذه المنطقة (بين جرابلس وعفرين)، خنجرآ في الخاصرة الكردية، ويشكل تهديدآ جديآ للكرد ولكيانهم الوليد. وخاصة إن هذه القوى الظلامية مدعومة من تركيا، التي تسعى بكل قوتها لتقويض الإدارة الذاتية في غرب كردستان.

سادسآ، القيام بحملة دبلوماسية لفضح الموقف التركي الحقيقي، المرتبط عضويآ مع التنظيمات الإرهابية وإدعائها الكاذب بمحاربة تنظيم داعش.

سابعآ، رفع العلم الكردي وعلم الثورة السورية، بدلآ من علم (ب ي د) في المناطق الكردية، والعمل بشكل جدي لإدخال الأحزاب الكردية الإخرى في الإدارة الذاتية.

ثامنآ، العمل على تحسين الوضع الداخلي الكردي، من جميع النواحي الحريات العامة، الوضع الأمني، الإقتصادي، الإجتماعي، الصحي والتعليمي.

تاسعآ، تحسين وتوثيق العلاقات مع الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، والتواصل مع دول المنطقة.

بهذا الشكل يمكن للشعب الكردي في غرب كردستان مواجهة السلف التركي، وتخطي كافة الصعاب التي تواجهه في الدخل ومن الخارج. واليوم بات الكرد قربين جدآ من تحقيق أهدافهم، والتي تتلخص في عدة نقاط رئيسية وهي:

- تحرير مناطقهم من براثن نظام البعث المجرم، ومعه من براثن التنظيمات الإرهابية التي، أفرزها النظام السوري.

- ربط المناطق الكردية بعضها ببعض.

- بناء كيان كردي (حكم ذاتي) في إطار الدولة السورية.

- تأمين الحماية لمناطقهم والساكنين فيها من هجمات الإرهابيين وقوات النظام.

- عدم الإنجرار إلى الصراع المسلح الدائر في سوريا بين النظام والمجموعات المسلحة المدعومة من قبل دول المنطقة.

وبرأي تمكن الشعب الكردي في غرب كردستان، من تحقيق أكثرية هذه الأهداف رغم ضعف الإمكانيات العسكرية والمادية، والحصار المفروض عليه من قبل جميع الجهات بدءً من المنظمات الإرهابية كجبهة النصرة وتنظيم داعش، ومرورآ بالنظام السوري والدولة التركية وإمارة البرزاني، التي حفرت الخنادق مع غرب كردستان وأخير منعت حتى مرور جثامين الشهداء من نقاط العبور!

&