قد يبدو العنوان أعلاه صادما! ولربما مفاجئا للكثيرين ، و يتصادم مع قناعات عديدة و تطورات سياسية إيجابية تعيشها المملكة المغربية على صعيد الإنفتاح السياسي و سيادة حقوق الإنسان التي أضحت منهجا متبعا في المملكة المغربية منذ عقدين من الزمان؟، ولكن يبدو أن تطورات الحرب على الإرهاب و ملفات المنطقة المتداخلة ، وطبيعة التحديات الأمنية قد قلبت كل الحسابات ، وغيرت الكثير الكثير من القناعات ، و بشكل صادم أحيانا . & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & &&

في حياتي لم أتعرض للتبصيم وأسلوب الفيش و التشبيه إلا في مناسبتين الأولى في دولة الكويت وتحديدا في يوم 2 يناير 1984 حينما أعتقلت وكنت وقتها شابا صغيرا و بتهمة الإنتماء لحزب الدعوة الإرهابي و مناصرة إيران!!! رغم كوني أنتمي لطائفة لاعلاقة لها بذلك الحزب ومعارضتي كانت لنظام صدام حسين إحتجاجا على أسلوب القمع الشامل وليس تأييدا لإيران! فتم أخذ بصماتي و تصويري في المباحث الجنائية في الكويت قبل أن يتم إبعادي!!! لخارج البلاد ضمن حملة التسفيرات الضخمة وقتذاك رغم أنني لست في العير والنفير ولم أكن منتميا لأي جماعة سياسية!!؟ المهم أن ذلك قد حصل؟ ورغم إعتقالي في سجون المخابرات السورية منتصف عام 1984 ولكن بتهمة معاكسة هذه المرة وهي العمل لصالح نظام صدام حسين!! ثم أطلق سراحي بعد شهر من التعذيب في فرع 279 لعدم مصداقية الإتهام إلا أنه لم يتم أخذ بصماتي في سجون دمشق الرائعة!!؟.
وقبل أيام قليلة طرت من العاصمة البريطانية لندن حيث كنت في زيارة قصيرة لها للعاصمة المغربية الرباط لأفاجيء في مطار الرباط/سلا بموظف الجوازات بعد أن إطلع على جواز سفري النرويجي الذي دخلت به المغرب سابقا أكثر من خمسين مرة وهو يبتسم بأدب طالبا مني اللحاق به لغرفة مجاورة خلفية لغرض ( إجراء صغير )!! إتضح لاحقا بأنني يجب أن أضع بصماتي في جهاز إلكتروني!! والطريف أنه سألني سؤالا مضحكا حول ما إذا كنت من أصل مصري!!، فقلت له إن مصر وأهلها إحبائي ولكن الأ تقرأ في جواز سفري النرويجي بأنني من أصل عراقي؟ على العموم كلنا في الهم و الغم عرب!!.. في تلك الغرفة وجدت أمامي شخصا يحتج على أخذ بصماته برغم عدم موافقته ويقول ( أنا مواطن بريطاني.. كيف تأخذون بصماتي بدون موافقتي ؟ ) فلم يرد عليه الموظف و تجاهل إحتجاجه ، ثم توالى بعده دور مواطن بريطاني آخر من أصل سوداني كان صامتا و مستغربا ولربما خائفا من الإجراء الغريب؟ فلما جاء دوري سألته عن سبب أخذ البصمات وهل أنا إرهابي أو موضع شك ؟ فأجابني أنه لايعلم الإسباب الحقيقية لذلك الإجراء سوى أن هنالك تعميم أمني بتبصيم كل عربي يحمل جواز سفر أجنبي؟؟؟؟ وطبعا لم يفصل في الأمر كثيرا و أجابني بأنه شخصيا لا يعجبه ذلك الإجراء ولكنه ينفذه لكونه مجرد موظف!!، المهم إنه قد تم أخذ بصماتي للمرة الثانية في حياتي وإن كان بشكل وأسلوب مختلف عن المرة الأولى؟
ولكن السؤال يتمحور حول الفائدة التي تتوخاها وزارة الداخلية المغربية وهي تلجأ لأسلوب غريب ولاعلاقة له بمسطرة حقوق الإنسان وهو إجراء عنصري تمييزي لايشمل الجميع سوى العربي الذي يحمل جواز سفر أجنبي ؟ فهل أن الحكومات و أجهزة المخابرات الغربية مثلا غبية ولا تفقه شيئا ولا تعلم عن أمور وتوجهات مواطنيها لكي يأتي أهل الأمن في المغرب و يمارسون إجراء غير منطقي ولا قانوني بحق رعايا دول محترمة ذات سيادة و تمتلك أجهزة مخابرات أقوى بكثير من نظيرتها المغربية ؟ ولماذا لايطبق هذا الإجراء على ذوي البشرة البيضاء و العيون الزرقاء؟ هل هم أبرياء من التوجهات الإرهابية ؟ ولماذا يلجأ العربي الحامل لجواز السفر الأوروبي على ممارسة الإرهاب؟ أليس ذلك تحقيرا للعرب؟ وهنا لي سؤال أخير أرجو أن لا يزعل منه أحد أو تصيبه الحساسية بسببه وهو هل يجرؤ أصحاب الحال على أخذ بصمات السائح الإسرائيلي مثلا؟؟؟ أم أن الإسرائيليين شعب الله المختار وهم أبعد الناس عن الإرهاب؟؟... فلا حول ولاقوة إلا بالله... فعلا نحن نعيش في أمة تداركنا الله ـ و مقامنا فيها كمقام المسيح بين اليهود على حد رأي المتنبي العظيم.. ولا أقول سوى العبارة الخالدة .:
والله حاله... و الله طرطره... و سلامتكم من الآه ؟ وكما قيل
إذا كنت في المغرب فلا تستغرب!!؟&
&