أزعم أنني لم أعرف إلا القليل من الرجال الذين يستحقون الانحناء احتراماً وتقديراً لإنتاجهم الفكري الرصين، وبذات القدر لإخلاصهم وشجاعتهم المفرطة والمتميزة، وعلى رأس هؤلاء كان ومايزال مفكرنا العظيم الذي نذر حياته ليصنع ثقباً في جدار الظلمة، كما ذكر في إهداء لأحد روائعه.
لا أظنني بحاجة لأدلل على عظم قامة د. سيد القمني الفكرية، والتي يجمع عليها حتى المختلفون معه فكرياً، بل واستهدافه الدائم – وليس الحديث – من قبل خفافيش الظلام، لأكبر دليل على عظمته وتأثيره البالغ في الساحة الثقافية والشعبية، أذكر هنا أن المفكر والإنسان والصديق د. فرج فودة، كان قد حكى لي طرفة، أنهم قالوا له أنك الثالث على قائمة الاغتيالات، فقال لهم دلوني على تقصيري الذي أدى لأن أكون الثالث وليس الأول!!
أما عن بيان د. سيد القمني الأخير، فليس انتقاصاً من إسهامات الرجل العلمية والتنويرية، ما ذكرته له أمس في مكالمة تليفونية، لم تكن أبداً حزينة، قلت له أني أعتبر أن بيانه هذا أقوى وأعمق ما كتب، إنه بيان قنبلة:
•قنبلة في وجه النظم الحاكمة المتخاذلة والمداهنة والمتلاعبة بمصير شعوبها.
•قنبلة في وجه الشعوب الغافلة اللاهية الجاهلة المتعصبة.
•قنبلة في وجه الكتاب والإعلاميين المتاجرين والمزايدين والمتهوسين باختلاف ألوانهم.
•قنبلة في وجه النفاق والرياء وادعاء البطولة، من قبل من لا يمتلكون واحداً بالمائة من شجاعة وثبات بل وبطولة د. سيد القمني.
سيد القمني لم يداهن يوماً، ولم يختر لقدمه وقلمه الأراضي السهلة الممهدة، بل انتقى الطرق الأكثر وعورة، ليمهدنا لنا لنفهم ونعي الماضى والحاضر لنستشرف المستقبل، هو رجل البحث الدؤوب المضني، حتى لو اختلفنا مع ما يخرج به أحياناً من نتائج، وهو رجل الشجاعة النادرة في إعلانه الجسور لما يتوصل إليه مما يعتبره حقائق.
وحين يصدر د. سيد القمني مثل هذا البيان الأخير، يكون علينا نحن أن نجيد القراءة، أن نضع أمام أعيننا : من يقول ماذا، لا أن نسارع بسذاجة إلى كيل السباب وقذف الأحجار وادعاء البطولة على حساب الرجل، الذي أنجبته أم مصرية في صعيد مصر، إنما لتبرهن على أن الأم المصرية ولادة للرجال، الآن ومنذ فجر التاريخ!!
من يجيد القراءة سيجد أن البيان يقول:
بئس الزمان وبئس الشعوب التي يحتاج فيها الإنسان ليعلن رأيه الحر لأن يضحي بحياته، ولأن يتيتم أولاده وتترمل زوجته.
يقول البيان لكل إنسان يحترم نفسه، إننا نعيش في عالم لا يحترم الفكر بل ينصب له المشانق، عالم عبثي لا يقيم وزناً للمنطق أو المعقول، والحل الأمثل لمواجهة العبث absurd هو قبوله وليس الهروب منه بالنفاق والرياء، ولقد احتضن د. سيد القمني العبث ليقهره وليس ليستسلم له.
لا يحوي بيان الرجل كلمة واحدة تشي بتراجع حقيقي، أو حتى خوف حقيقي، فالخائفون لا يعلنون على الملأ أنهم خائفون، بل يرتعدون في السر أو حتى يبولون على أنفسهم، فيما يتظاهرون بالشجاعة ورباطة الجأش، والمتراجعون لا يتبرأون دفعة واحد وفي لحظة واحدة عن كل ما أنتجوا من فكر، بل يتقهقرون في خسة خطوة بخطوة، خنوعاً وذلاً لإغراء المال أو السلطان.
هذا البيان ليس استسلاماً لخفافيش الظلام، ولكنه بصقة في وجوههم الكئيبة!
بصقة في وجه الزمن الذي أنجبهم ويرعاهم ويرضخ لهم!!
هو دعوة لنا جميعاً لأن نصحو من سباتنا وقعقعاتنا، لنواجه الواقع المزري الذي نرزح فيه!
دعوة لوقفة صدق مع الذات، لنحدد إلى أين نتجه، وما هو المصير.
هو تسونامي شرق أوسطي، سيجرف الركود والبلادة واللا مبالاة!
هو صرخة ألم عظيمة من إنسان ومفكر عظيم!!
تحية إكبار وإجلال للمفكر الحر البطل د. سيد القمني

[email protected]

د. شاكر النابلسي: سيّد القمني: بئس المفكر الجبان أنت!

نبيل شرف الدين: القمني يتبرأ من أفكاره بعد تهديده

فالح الحُمراني: تضامنا مع سيّد القمني


سعد صلاح خالص: وترك الفارس الحصان وحيدا.. كلمات الى سيد القمني