خلف خلف من رام الله: بعد أداء حكومة الطوارئ الفلسطينية اليوم الأحد اليمين الدستوري ورفض حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة لشرعيتها، أصبح للفلسطينيين حكومتان دون دولة، فهناك حكومة طوارئ برئاسة سلام فياض ومركزها مدينة رام الله في الضفة الغربية، وفي المقابل هناك حكومة الوحدة الوطنية التي رفضت قرار إقالتها من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ويتزعمها القيادي في حركة حماس إسماعيل هنية.

ويرى العديد من المراقبين أن الرئيس عباس بعد انقلاب حماس يسعى لتجريدها من جميع أوراقها، وبخاصة أن حكومة رام الله ستغدق بالأموال من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي اللذان بدأ يلوحان بنيتهم رفع الحصار عن حكومة الطوارئ، وهو ما سيجعل الفلسطينيون يؤيدون هذه الحكومة ويكرهون فترة حكم حماس.

حيث ستوقف الولايات المتحدة المقاطعة الاقتصادية على السلطة الفلسطينية. هذا ما قاله القنصل الأميركي جيكوب ولاس، بعد أن التقى رئيس السلطة محمود عباس (ابو مازن) في رام الله. وحسب ولاس، فان المقاطعة سترفع إذا لم يكن في الحكومة رجال من حماس. وأشار ولاس بأن الولايات المتحدة وشركاءها في الرباعية سينشرون هذا الأسبوع بيانات عن رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضت على الفلسطينيين منذ صعود حماس إلى الحكم في آذار/مارس 2006، واستئناف المساعدات الاقتصادية.

وأمس، قبل سفره إلى الولايات المتحدة، قال اولمرت للمراسلين أن quot;حكومة فلسطينية ليست حكومة حماس هي شريكquot;. وعلى حد قوله فانه quot;في الآونة الأخيرة نشأ وضع يفتح فرصة لا مثيل لها منذ فترة طويلة لخطوات سياسية ونحن سنعمل بكل القوة لتحقيق هذه الفرصة بقدر ما يتعلق الامر بناquot;.

وهذا ويبحث الرئيس الأميركي جورج بوش غدا في خطوات لتعزيز حكم رئيس السلطة محمود عباس (أبو مازن) مع رئيس الوزراء ايهود اولمرت، الذي سافر إلى واشنطن يوم أمس. وسيلتقي الزعيمان في البيت الأبيض ليبحثا في سياسة quot;العزلquot; بين قطاع غزة والضفة الغربية في أعقاب سيطرة حماس على القطاع.

وسيقول اولمرت لبوش حسب صحيفة هآرتس أنه يجب منع صعود حماس في الضفة الغربية، في أعقاب سيطرة الحركة على غزة، ومن المهم أن تواصل quot;العناصر البرغماتيةquot; في السلطة الفلسطينية ممارسة الضغط الكبير على حماس في الضفة.

وبالتوازي، على خلفية التدهور الامني في القطاع سيؤدي غدا رئيس حزب العمل ايهود براك اليمين القانونية ليتسلم منصب وزير الدفاع بعد المصادقة على تعيينه في استفتاء هاتفي. التعيين العاجل لبراك وصفه رجاله ورجال اولمرت كتعيين طارئ لازم في ضوء الأحداث في غزة. مقربو عمير بيرتس غاضبون على الشكل الذي تصرف فيه براك.

وكان أعضاء حكومة الطوارئ الفلسطينية أدوا اليوم الاحد أمام أبو مازن اليمين القانونية، وانكب فياض رئيس وزراء هذه الحكومة منذ أمس على إنهاء مهمة تشكيل حكومة الطوارئ التي أعلن عنها أبو مازن يوم الخميس. وأفاد مصدر سياسي كبير أمس بان إسرائيل ستعترف بحكومة فياض تبعا لشروط الرباعية: الاعتراف بإسرائيل، نبذ الإرهاب واحترام الاتفاقات السابقة.

وفي أثناء نهاية الأسبوع تواصلت أعمال رد الفعل من فتح ضد حماس. في رام الله اقتحم أمس عشرات المسلحين من فتح البرلمان الفلسطيني حيث الأغلبية لحماس وحاولوا اختطاف نائب رئيس المجلس التشريعي حسن خريشة المقرب من حماس. وفي نابلس سيطر نشطاء كتائب شهداء الأقصى من فتح على مؤسسات حماس في المدينة.

ومن جهة أخرى سلب ونهب نشطاء حماس منازل كبار رجالات فتح بما في ذلك منزل ياسر عرفات، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) ومستشار الأمن القومي محمد دحلان، الذي اُخذ من منزله صورا عائلية نشرت بعد ذلك في مواقع الانترنت لحماس. وفي أعقاب الأحداث حاول عشرات الفلسطينيين الدخول إلى إسرائيل عبر حاجز ايرز ولكن الجيش الإسرائيلي منعهم من ذلك، حسبما قالت التقارير الإسرائيلية.

وقتل ستة فلسطينيين وأصيب 11 في مواجهة بين مسلحين من فتح وحماس في حوادث مختلفة في القطاع وفي الضفة. وقال أمس مصدر سياسي إسرائيلي أن عباس يتعرض لضغوط متضاربة ndash; فمن جهة يحاولون إعادته إلى التفاهمات والى حكومة الوحدة مع حماس؛ ومن جهة أخرى الولايات المتحدة وإسرائيل تؤيدان موقفه الجديد الساعي إلى المواجهة مع حماس وتشكيل حكومة فتح في الضفة.

ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي ألوف بن: quot;اولمرت مستعد لان يحرر لعباس أموال ضرائب السلطة الفلسطينية، المجمدة في إسرائيل، ولكنه سينتظر ليرى إذا كانت الحكومة الجديدة برئاسة سلام فياض ستنجح في إثبات نفسها. وقال مصدر سياسي أن quot;الأميركيين سارعوا إلى تبني فياض، أما نحن فنرى حربا بين قوى مختلفة في السلطةquot;.

وحسب نفس المصدر، فان إسرائيل لن تدخل إلى قطاع غزة، إذا لم تطلق حماس النار عليها، ولن تأخذ المسؤولية عن سلامة ورفاه مليون ونصف المليون فلسطيني يعيشون في القطاع. quot;على العالم أن يشارك في ذلك، لن نعود إلى إدارة مدنية إسرائيلية في غزةquot;.

واليوم سيلتقي اولمرت في نيويورك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وسيتم في الحديث البحث في مسألة مرابطة قوة دولية لمراقبين في غزة، كان طرح فكرتها الأمين العام للأمم المتحدة بشكل غير رسمي في الاستعراض الذي قدمه قبل بضعة أيام لأعضاء مجلس الأمن. كما تحدث الأمين العام في ذلك مؤخرا مع أبو مازن وطلب تعقيبه.

أما اسرائيل من جهتها فلم ترفض المبادرة مبدئيا. وأفادت مصادر في الأمم المتحدة أول أمس بأنه في حديثه مع رئيس الوزراء ايهود اولمرت يعتزم الأمين العام للأمم المتحدة أن يطلب من اسرائيل العمل على عجل بهدف منع ما يراه كنشوء كارثة إنسانية في قطاع غزة.

وبالمقابل، سيطرح اولمرت في حديثه قلق اسرائيل في ضوء الخروقات لقرار 1701، ولا سيما موضوع تهريب السلاح من سوريا إلى لبنان. كما أن اولمرت سيبحث مع الأمين العام التهديد النووي الإيراني وسيطلب منه العمل من أجل تحرير الجنود المخطوفين.