توابع زلزال إغتيال الثعلب:
مسند الرأس القاتل الذي أودى بحياة مغنية

مغنية يتصدر صحف بريطانيا ومعطيات جديدة في سوريا

خبيران فرنسيان يتخوفان من الحرب عقب اغتيال مغنية

سوريا تنفي مشاركة إيران في التحقيق حول اغتيال مغنية

مغنية.. هكذا تصنع الأساطير وهكذا تنتهي

كاتب سيرة مغنية : ربما لا يزال حياً!

فرنسا تأسف للفشل في محاكمة مغنية قبل مقتله

اغتيال عماد مغنية: معلومات عن توقيف عدد من المشتبه بهم

التساؤلات المنطقية بعد اغتيال مغنية

اغتيال مغنية اغتيال لشاهد مهم

خلف خلف من رام الله: إن كان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بدأ منذ اغتيال عماد مغنية باستخلاص استنتاجات تنظيمية وتشديد الحراسة والسريةوربما البحث عن بديل مناسب، فإن الأجهزة الإسرائيلية بدورها وعلى رأسها الموساد انشغلت بالبحث عن إجابة لتساؤل يقلقها: quot;كيف وأين ومتىquot; سيثأر حزب الله؟

واستلمت الصحافة الإسرائيليّةمنذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها عن اغتيال مغنيّةمهمّةاستنطاق عسكريين ومصادر quot;مطلعةquot; حول عمليّة تصفية مغنيّة الذي حصد لقبالثعلب بعد أن تمكّن من النجاةمن مطاردة الموساد وأجهزة الإستخبارات الغربيّة طوال السنوات الماضية.وتعتبر هذه العمليّة نجاحًا تاريخيّاً بارزًا للموساد الإسرائيلي إن كان هو فعلا الجهة المنفذة.

وفي تحليلات quot;ما بعد الضغط على الزنادquot; واتمام عمليّة الاغتيال بنجاح،أشارت صحيفة هآرتس إلى تزايد المخاوف الإسرائيلية من قيام حزب الله بتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيليَّة مستعينًا بطائرات مفخخة من دون طيَّار، كشفت صحيفة معاريف الصادرة صباح اليوم أن إسرائيل بدأت بتفتيش الملاجئ وخاصة تلك التي تقع في الجبهة الشمالية الحدودية مع لبنان.

وفي هذا السياق، فسّر المحلل السياسي الإسرائيلي بن كاسبيت ما أسماه بـquot;عدم اغتيال إسرائيل لحسن نصر الله فيما مضىquot; بالقول إنّه quot;من المعروف أن عماد مغنية هو الذي سيأتي من بعده، وهو أسوأ منه بكثيرquot;. وأضاف المحلل السياسيّ quot;فإن كان نصر الله يركز على الدبلوماسية والدين وغيرها من الأمور، فمغنية هو صاحب صناعة الموت ولا يركز إلا على الإرهاب. إذا لنبقى مع نصر الله حتى لا نضطر للحنين إليه بعدئذquot;.

وأضاف كاسبيت: quot;لم يعد مغنية يمارس الإرهاب لأن هذا الإرهاب وصناعة الموت قد خطف رأسه هو أيضا. الآن لا توجد احتمالية. لن يرث نصر الله في منصبه، الأمر الذي يعني أن قتل مغنية قد شق الطريق أمام العودة لتصفية حسن نصر اللهquot;.

من جانب آخر، يبدو أن القلق احتلّ مكان الابتسامة التي ارتسمت على أوجه السياسيين والمحللين الإسرائيليين بعد الاغتيال، وسيطرت بدلها نظرة تشاؤم وقلق، بعد وعود الثأر التي أطلقها الأمين العام لحزب الله الذي هدد بحرب مفتوحة ساحتها العالم بأكمله.

ولا يمكن التكهّن بما يدور في عقول صناع القرار في تل أبيب، ولا بالإجابة على السؤال: إلى أي درجة كان اغتيال مغنية فخاً لجر حزب الله لرد عسكري وبالتالي فاتحة لحرب جديدة بين الطرفين. إلا ان المعلومات الآتية من إسرائيل توضح أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك احتمع يوم الجمعة مع الحاخام عوفيدا يوسف (الأب الروحي لحزب شاس)، واطلعه على معلومة حساسة وهامة دفعت بالأخير إلى الإعلان عن أنَّ حزب ساش لن ينسحب من الحكومة الإسرائيلية، وهو ما أثار فضول الصحافيين حول مغزى هذه المعلومة، وفي ما إذا كانت متعلقة بحرب قريبة تقبل عليها المنطقة.
وبالتزامن مع هذه المعلومة، شهدت اسرائيل تعديلات على مستوى استخباراتها وجيشها، فأعلن رئيس الوزراء إيهود أولمرت قبل يومين تمديده لفترة ولاية رئيس الموساد مئير دوغان لمدة عام، وقرّر باراك تعيين الميجور جنرال عيدو نحوشتان قائداً لسلاح الجو خلفاً للميجور جنرال إليعيزير شكيدي.

وفور سماع خطاب التأبين الذي ألقاه نصرالله، سارع أولمرت الى عقد اجتماع مع وزير الدفاع ورئيس الموساد، ورئيس الشاباك ورئيس أركان الجيش غابي اشكنازي. وبالتوازي مع خشية إسرائيل من عملية ثأر ينفذها حزب الله، تتواصل التقديرات الاستخبارية أيضا حول كيفية اغتيال مغنية. ويعتبر خبراء اسرائيليون أن العمل التمهيديّ لعملية الاغتيال استغرق حوالى نصف عام، مستندين في تقديراتهم على أنه ينبغي العثور على شقة الاختباء التي لا بد كان يمكث فيها مغنية في زياراته الأسبوعية إلى بيروت، وتشخيص السيارة التي يقودها، وإدخال عملاء يتابعونه، وربما استخدام وسائل متابعة تكنولوجية أيضا.

وبحسب التقديرات ذاتها، فإنه رغم حذر مغنية، فإنه كان لا بد أن يتحدث في وقت ما مع احد ما. وفي حال كانت اسرائيل تقف وراء تنفيذ اغتيال مغنية، لا يستبعد محللون إسرائيليون مختصون في شؤون الاستخبارات فرضيّة تعاون محافل استخباراتيّة أخرى مع الموساد في تنفيذ التصفية بالنظر الى ضخامة العمليّة وتعقيدها.

أما صحيفة يديعوت فقد تناولت على صفحاتها موضوع اغتيال مغنية من جانب آخر، مشيرة إلى أن اغتياله أعاد الكبرياء إلى جهاز الموساد. وعدّد الخبير العسكري الإسرائيلي رونين بيرغمان بعض العمليات التي أنجزها الموساد أو نسبتها وسائل الإعلام إليه، مثل اغتيال علي حسين صالح السائق في السفارة الإيرانية، وغالب عوالي الذي تتهمه إسرائيل بأنه المسؤول المباشر عن قيس عبيد المتهم بالتخابر مع حزب الله، وأبو حمزة قائد الجهاد الإسلامي في جنوب لبنان وغيرهمquot;.

وقال بيرغمان: quot;منذ تعيين (مئير دغان رئيس جهاز الموساد) كان هناك في لبنان وسوريا من رتب لهم احد ما لقاءً مبكرا مع الباري عز وجلquot;. وأضاف بيرغمان: quot;حدثان في الآونة الأخيرة نسبا في العالم للقدرات المنتعشة للاستخبارات الإسرائيلية: الأوّل وهو إعداد التربة لقصف الأشباح في سوريا في 6 شباط(فبراير) والثاني وهو تصفية عماد مغنية. ومن دون أن نتطرق إلى صحة الأمور فإن الجهاز الذي وقف خلف هذين الحدثين اثبت عن قدرات استخبارية فائقة. سنوات عديدة فقط ستحل اللغز الذي يتعلق بجهاز الاستخبارات وجهاز العمليات الذي يستحق الورود وزجاجات الشمبانياquot;.

وتابع: quot;وسواء كانت إسرائيل هي التي صفت كبير القتلة عماد مغنية أم لا، فان اجتماع عدد من الأحداث في أثناء ولاية دغان يفسره الكثيرون في العالم ولا سيما في العالم العربي كميل متواصل: الاستخبارات الإسرائيلية التي تتضمن ليس فقط الموساد بل ووحدات عملياتية وجمع المعلومات من شعبة الاستخبارات ndash; تعود إلى الصدارةquot;.

ومن ناحيتها، كتبت سمدار بيري مراسلة صحيفة يديعوت المختصة في الشؤون العربية، تقول: quot;نحن نعرف أن ما يقلق قصر الرئاسة في دمشق الآن ليس عملية التصفية فقط. في آخر الشهر القادم يفترض أن تنعقد في سوريا قمة الدول العربية. التصفية ضبطت سوريا في ذروة الجدل العربي حول المشاركة في القمة أم مقاطعتها بسبب القسوة التي تنتهجها في لبنان من اجل منع تعيين رئيس للجمهورية. مبارك والملك عبد الله السعودي وغيرهما من الحكام من التيار المعتدل يزمعون على تخييب أملكم. وعندما ستكشف تفاصيل جديدة حول ظروف وصول عماد مغنية إلى سوريا ستكون هناك أسباب تدفعكم للنرفزة والعصبيةquot;.

حسابات مستقبلية
هل العالم أكثر أماناً من دون عماد مغنية؟ تساؤل يحاول الكاتب الإسرائيلي في هآرتس تسيفي برئيل الإجابة عنه، فيقول: quot;الجواب العفوي الغريزي هو quot;نعمquot;. وحتى بعد استراحة خفيفة وتفكير معمق واخذ ورد يبقى الرد نعم. إلا أن حساب المنفعة والتكلفة يزعزع هذا الاعتقاد لأنه أن انفجرت غداً سيارة مفخخه بجانب مدرسة يهودية في نيوجرسي أو في كيرغزستان وان انهارت قنصلية إسرائيلية في احدى الدول اللاتينية ndash; ستتغير لهجة الحديث.

من الناحية الأخرى، أن كانت تصفية عماد مغنية قد عرقلت عدة عمليات كانت في طريقها إلى التنفيذ ndash; فالجواب واضح كل شيء هو مسألة حساب للرؤوسquot;. وتابع برئيل قائلا تحت عنوان quot;لماذا يفرحونquot;: quot;هناك إجماع حول مسألة واحده. تصفية عماد مغنية لا تضع حدّاَ للإرهاب أو الحرب ضده. ومن يحتاج إلى برهان رغم ذلك يمكنه بكل سهولة أن يسترجع أسماء مثل احمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وعباس الموسوي أو مصعب الزرقاوي في العراق الذين جاء بعدهم خلف أسوأ من السلفquot;.

تصفية الموسم
وعلى نفس الوتر عزف الكاتب جدعون ليفي في الصحيفة ذاتها، وكتب تحت عنوان quot;تصفية الموسمquot; يقول: quot;من قتل عماد مغنية لعب بالنار مرة أخرى، وهي نار خطيرة بدرجة لا توصف. هو ألحق الأذى بأمن إسرائيل وان كانت هي التي تقف وراء الحادث فيجب أن نتساءل أن كانت هناك ذرة من التبصر والحكمة في هذه العملية. وان لم تكن هي فمن الأفضل أن تسارع أجهزتنا التجسسية المجيدة إلى البرهنة عن ذلك قبل المصيبة القادمةquot;.

وتابع ليفي: quot;الأسئلة التي كان من المفترض أن تسأل قبل العملية سئلت بعدها مباشرة وبتأخر كبير. على سبيل المثال موقع العملية وتوقيتها: في الصيف الماضي غمرونا بالتحذيرات التي لا تنتهي من الوضع المتفجر في سوريا. بعد ذلك جاء السادس من أيلول/سبتمبر والانفجار الغامض في شمالي سوريا والآن تأتي تصفية عماد مغنية ومرة أخرى على ارض نفس الدولة الخطيرةquot;.

وتساءل ليفي: quot;أي مصلحة توجد في اهانة بشار الأسد؟ والى متى سيتحمل هذه الاهانات ويضبط نفسه؟ هل يقربه هذا من التفاوض معنا هذه المفاوضات التي نرفضها بإصرار طبعاً أم تبعدنا عنه أكثر وأكثر؟ وفي مسألة الهدف من العملية هل ستمنع العمليات الإرهابية أم ستزيدها عنفواناً؟ وهل مغنية هو احد الشخصيات النادرة التي لا يوجد لها بديل أم أن خليفته اشد منه خطورة؟quot;

وتابع ليفي: quot;عماد مغنية قتل. جيد من قتله قام بعمل quot;ممتازquot; كما يقولون. ولكن في صبيحة اليوم التالي تطرح المزيد من الأسئلة الثقيلة بالإضافة إلى مسألة كيفية اكتشاف مكانه. واختتم ليفني مقاله بالقول: quot;العالم مكان أفضل بعد تصفية مغنيةquot; قال الناطق بلسان الخارجية الأميركية متفاخراً. مكاناً أفضل؟ هناك شك في ذلك. مكان اقل أماناً؟ بالتأكيدquot;.

وتحت عنوان quot;لحظة قبل الضغط على الزنادquot; كتب ايتان هابر الصحافي المقرب من جهاز الموساد، في صحيفة يديعوت الصادرة اليوم الأحد، يقول: quot;ها هنا نصيحة لرئيس الوزراء، لرئيس الموساد ولكل المشاركين، إذا كان كهؤلاء، في إعدام كبير المخربين عماد مغنية: لا تتأثروا بمقالات الثناء وصوغ التيجان للسياسيين ورجال الإعلام للعملية الأخيرةquot;.

وأضاف هابر الذي أصدر عام 2002 كتاباً مشتركاً حقق شهرة عالية بعنوان quot;الجواسيسquot; كما أنه عمل مديراً لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية اسحاق رابين: quot;فأولئك السياسيون وأولئك الإعلاميون، سيبدلون التصفيق العاصف بوابل من البصاق وهتافات التحقير، إذا ما نجحت لا سمح الله منظمات الإرهاب وعلى رأسهم حزب الله، بتوجيه ضربة قاسية لنا كرد فعل على ذلكquot;.

كما استعرضت الصحافة العبرية بعض فصول المطاردة لمغنية، والتي شارك بها الموساد، ومنها محاولة تمت في أواسط الثمانينات، عندما وصلت إلى بعثة الموساد في باريس معلومات تفيد أن مغنية وصل إلى العاصمة الفرنسية، وعلى الفور أجرى رئيس بعثة في الموساد آنذاك عوزي اراد اتصالات مع نظيره تشاك كونمان رئيس السي.اي.ايه المحلي.

والتقى الاثنان وقررا تخصيص كل الجهود لإيجاد مغنية: العملاء والمعلومات والاستخبارات وكل ما يصل لليد، وفعلاً الملاحقة بدأت، ولكنها سرعان ما تلاشت في مهدها خلال يوم واحد، فقد نجح مغنية بالتملص من الفرنسيين واختفى تاركاً وراءه عملاء محيطين.

أما المطاردة الثانية لمغنية، التي استعرضتها الصحافة الإسرائيلية، فقد كانت قبل ذلك بمدة قصيرة، وبدأت بعد العملية التي نفذت ضد السفارة الأميركية في بيروت بتنفيذ وتخطيط مغنية، قتل (إضافة إلى عشرات آخرين) احد قادة السي.اي.ايه بوب ايمز، والذي كان رئيس قسم العمليات في السي.اي.ايه في الشرق الأوسط، وهو شخص ماهر ولامع، وهو بحسب التقديرات ارفع شخصية أميركية قتلها مغنية، حيث كان أيمز يطمح لترأس السي.اي.ايه، وكان من المفترض أن يتوجه إلى تل أبيب للالتقاء بنظرائه هناك إلا أنهم انتظروه ولم يصل.

وفي آواخر التسعينيات سنحت فرصة أخرى لاغتيال عماد مغنية، وخلالها طلب الأميركيون المساعدة من الشاباك. الذي كان مسؤولا حينئذ عن جنوب لبنان، الشاباك شخّص مكانه وأعد العملية، إلا أنها لم تحصل على مصادقة لجنة قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بعد أن عبر البعض عن شكوكهم فيها، وبحسب التقديرات فأن رئيس الوزراء الإسرائيلي حينذاك بنيامين نتنياهو خشي من توجيه الأمر بتنفيذ العملية خلافاً للتوصيات، وهكذا واصل مغنية عمله الاستخباراتي لعقد كامل من الزمن فيما بعد، إلى أن اغتيل في العاصمة السورية.