مؤلف قصة فيلم quot;الخمينى بين الحقيقة والخيالquot; لإيلاف:
التشييع الإيراني أمر واقع وليس علينا أن ندفن رؤوسنا في الرمال

محمد حميدة من القاهرة: أثارت الرقابة المصرية جدلا كبيرا برفضها قصة فيلم quot;الخميني بين الحقيقة والخيال quot; فالرقابة المصرية طالما عرفت بأنها تتدخل بالحذف والتوجيه فيما اشتهر على المدى الطويل بأنه مقص الرقيب، ولكن أن يتحول مقص الرقابة إلى مقصلة تجهز على عمل بالكامل وترفضه شكلا وموضوعا، دون توجيه ودون المطالبة بحذف شيء ما من العمل الفني حتى يصبح صالحا للعرض السينمائي، هذا ما لم يسمعه احد عن الرقابة المصرية. لكن هذا ما حدث مع الباحث فتحي عثمان مؤلف القصة الذي كشف لquot;إيلاف quot;عن تفاصيل مثيرة حول مضمون الفيلم وأسباب الرفض وخطواته المستقبلية فى هذا الحوار:

bull;بداية لماذا رفضت الرقابة القصة ؟
قالت إن القصة جاءت كرد انفعالي وهجومي على فيلم إعدام فرعون وهو ما ترفضه الرقابة التي ترفض quot;مقابلة الإساءة بإساءة مثلها quot; ووصفت الرقابة القصة بأنها عدائية ويمكن ان تثير فتنة بين المسلمين سنه وشيعة في وقت العالم الاسلامي بحاجة الى التكاتف والوقوف صفا واحدا. وبررت انها تلتزم بشروط ومعايير موضوعة لم تنطبق عليها القصة بينما اثنت بشكل كبير على القصة من حيث مضمونها ومحتواها الذي لا يتعارض مع الواقع واقترحوا طبعها كتابا.

bull;وألا تعتقد ان هذا ليس سببا مقنعا وكافيا لرفض العمل ؟
لا اعتقد ذلك، انني أقبل أن تقوم الرقابة بالتوجيه لحذف فقرات أو مشاهد من العمل تجعله صالحا للعرض الجماهيري... أما أن يحذف عمل فني بالكامل فهذا هو الإجحاف بعينه ليس إلا. كما انني وبشهادة الرقابة واستنادا الى القصة نفسها لم أصور غير الحقيقة، ونبض الشارعين العربي والمصري . فلا احد يستطيع ان ينكر ان هناك محاولات مستميتة لتشييع المجتمعات السنية بأساليب وطرق مختلفة. وإذا كان لدينا مشكلة مع الأخوة الإيرانيين فانها تتمثل في محاولاتهم المستمرة لتصدير الثورة والعمل على التشييع القسري للمجتمعات السنية ووصم الحكومات العربية جميعا بالخيانة والانبطاح والعمالة، فما هو الدور المطلوب لنقول لأخوتنا هؤلاء كفوا عنا أذاكم؟ انني أرى أن السينما كمجال حيوي يمكن أن ننقل من خلاله احتجاجنا على هذه الممارسات وليس علينا نحن أن ندفن رؤوسنا في الرمال.

bull;لكن الرقابة وصفت القصة بأنها عدائية وهجومية على شخص ورمز الثورة الإسلامية الإمام الخميني، ماهي الإساءات التي وردت في القصة و التي تقصدها الرقابة ؟ وهل جاء ذلك فعلا ردا على فيلم quot;إعدام فرعونquot; الذي أساء إلى السادات كما قيل ؟
اطلاقا، أؤكد أن هذا العمل الفني لا يتناول تاريخ الإمام الخميني بأي إساءة، ولم يتعرض لحياته الشخصية من قريب أو بعيد، بل تناول من خلال الأحداث حقائق وتوجهات للسياسة الإيرانية الخارجية والتي أرساها الإمام الخميني والتي تتمثل في تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية إلى دول الجوار بمفهومها الخاص بولاية الفقيه وأحقية المرجعيات الدينية في جباية الأخماس وهو موقف خطر يمثل تهديدا للأمن والسلم القومي المصري على وجه الخصوص والعربي على وجه العموم، كما تناول كشف بعض الحقائق الخاصة بالاتفاقيات السرية بين السياسة الإيرانية والكيان الصهيوني خاصة في ما يتعلق بقضية القدس التي تمثل خطا أحمر عند المسلمين جميعا، والتي تتعامل معها السياسة الإيرانية بوجهين، وجه خفي يتمثل بالمهادنة والتسليم للكيان الصهيوني بما يريد، ووجه آخر معلن يمثل الاستهلاك الإعلامي وتضليل جماهير الأمة الإسلامية بدعوى أن الثورة الإسلامية الإيرانية هي الجهة الوحيدة الحريصة على مستقبل القدس والحامي الوحيد المدافع عن هذا الموقف، مشهرين بسياسة الدول العربية جميعا بما ينمي الثورة لدى جماهيرها، ومشهرين بتاريخ بطل حقيقي هو الرئيس الراحل محمد أنور السادات محاولين أن يغرسوا في نفوس الناشئة أن الرجل خان أمته وفرط في مقدساتها.

bull;اذن القصة تتطرق الى عقائد وطقوس الشيعة ؟
لم اتطرق الى الشيعة كعقيدة كما لم أتناول في هذا العمل الفني الفتاوى الدينية الشيعية التي يتناولها الآخرون بمنتهى الإسفاف مثل فتوى الإمام الخميني بجواز التمتع بالرضيعة، وجواز اتيان النساء في إدبارهن ، وما تناولت قصصا من حياة الإمام الخميني الشخصية موجودة بكثرة ومتداولة في كتب كتبها شيعة تائبون كما يقولون تتناول حياة الإمام الخميني الشخصية بالكثير من الإسفاف مثل قيامه بنكاح المتعة مع فتيات قصر وغيرها من مداخلات حياته الشخصية، وهو ما يترفع عنه قلمي وتأباه مبادئي.

bull;وبالنسبة الى الخلافات بين السنة والشيعة ؟
لم أتناول أي وجه من أوجه الخلاف الديني بين السنة والشيعة، ولا نقلت أقوالهم في سب الصحابة الكرام، ولا في الطعن في أعراض أمهات المؤمنين، ولا تلك الخاصة بتأكيد الإمام الخميني على أن أهل السنة قد حرفوا القرآن الكريم ، ولا وصفه للخليفة العادل عمر بن الخطاب بأنه شخص مفترٍ افترى على الله الكذب وحرف القرآن، ولا الكثير الكثير من معين الكراهية الذي يفيض في كتب الشيعة وعلى الأخص كتاب الإمام الخميني quot;كشف الخفاءquot;، كل ذلك لم أتناول منه شيئا، فلم أنوِ بالفعل القيام بعمل تحريضي يبث الكراهية ويهدم صفوف الأمة كما ادعت الرقابة ... ولو شئت لفعلت !!!

bull;وهل اتخذت اي إجراءات حيال قرار الرفض ؟
بدأت بالفعل واتخذت الإجراءات اللازمة ورفعت تظلما الى المجلس الأعلى للثقافة وطالبت بتشكيل لجنة عليا من المتخصصين في الدراسات السياسية و الشيعية على وجه الخصوص لمناقشة هذا العمل الفني وما ورد فيه، مثل الدكتور عبد المنعم النمر، والدكتور محمد عمارة، أو غيرهم من رموز الوسطية والاعتدال الحريصين على وحدة الصف الإسلامي والعربي، وأنا على اتم الاستعداد للانصياع لما يرونه واجب الحذف أو التغيير أو التعديل ، كما أتنازل عن اسم الفيلم لصالح أي اسم آخر يكون صالحا وغير مثير للفتنة ، في مقابل أن يخرج هذا العمل الفني للنور.

أما أن يصادر هذا العمل بالكامل وبجرة قلم ويرفض شكلا وموضوعا هكذا بالجملة دون حتى أي اقتراح بالحذف أو التعديل، فهذا هو مبدأ محاكم التفتيش في القرون الوسطى، وليس هو مبدأ الرقابة المصرية العظيمة، التي هي في الأصل منارة للإبداع المنضبط بالقيم والمثل العليا، وليست مقصلة تقضي على آمال المبدعين، و تصادر نبض الشارع المصري الأصيل.