الأسد كان يرفض مرور اتصالاته بالعاهل السعودي بوزير خارجيته
زيارة الفيصل لدمشق تؤشر إلى تحسن علاقاتها بالرياض

هذا ما قاله الأمير مقرن في دمشق للرئيس الأسد

الرياض تسمّي سفيرها في دمشق وتعينه قريبًا

الرياض تنقل سفيرها من دمشق وتعيّنه في الدوحة

سوريا أحرقت مراكبها والسعودية لن تنتظر رسالة الغفران

إيلي الحاج من بيروت: رأى مراقبون في بيروت في استقبال الرئيس السوري بشار الأسد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في دمشق مؤشراً إلى سير عملية تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وسوريا قدماً إلى الأمام في شكل صحي، مشيرين إلى تحفظات سابقة كان يرفعها الرئيس السوري عن مرور العلاقات بينه وبين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز بالأمير سعود الفيصل الذي لم يزر دمشق منذ عام 2006.

وتوقف هؤلاء المراقبون عند التعبير الذي استخدمه مصدر دبلوماسي سعودي في دمشق في حديثه عن الزيارة، إذ قال إن الفيصل نقل رسالة إلى الأسد من الملك عبدالله بن عبد العزيز quot;تتعلق بعودة التنسيق بين البلدين الشقيقين بما يخدم الأمة العربية في مواجهة التحدياتquot;، معتبرين أن المملكة تستمر في سياسة الإنفتاح على سورية لمعالجة وضعين يهمان العالم العربي بأكمله، ويتعلقان بالموضوع الإيراني والقضية الفلسطينية.

وأكدوا أن المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري لم تعد في اليد بل أصبحت في عهدة المجتمع والقضاء الدوليين ولا إمكان لدى أحد للتأثير فيها، كما أن الوضع في العراق بدأ يميل إلى استقرار ثابت وحلول سياسية وأمنية تؤمن على المدى المتوسط الإستقلال والأمن لهذا البلد والهدوء في العلاقات مع الدول المحيطة به.

وجاءت زيارة الفيصل الى دمشق بعد اجتماع ثلاثي جمعه في القاهرة أمس الثلاثاء مع نظيريه المصري والسوري أحمد أبو الغيط ووليد المعلّم، على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب. وكان المعلّم زار الرياض الأسبوع الماضي، بعد سنوات من التوتر في العلاقات بين البلدين منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط /فبراير 2005. وشهدت العلاقات السعودية السورية تحسّناً بعد القمة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي عقدت في الكويت في 19 و20 يناير/كانون الثاني الماضي، والتي شهدت مصالحة بين الرئيس السوري والملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز. وتبعتها زيارة الرئيس بشار الاسد للسعودية، في اطار الجهود لانهاء القطيعة بين البلدين اثر اغتيال الحريري.

لكن الفتور عاد الى العلاقات التي توترت كذلك بين القاهرة ودمشق مع الحرب الاسرائيلية على لبنان في تموز/يوليو 2006 اذ اتهمت مصر مع السعودية والاردن quot;حزب اللهquot; الذي تدعمه سوريا بالقيام ب quot;مغامرات سياسيةquot;، ورد بشار الأسد بتعابير أثارت أزمة في علاقاته مع القادة العرب، ولا سيما في الخليج ومصر. .

واكد الفيصل في افتتاح اجتماعات الوزراء العرب صباح الثلاثاء quot;طرأ تحسن ملموس في العلاقات العربية-العربية بما في ذلك الاتصالات الايجابية القائمة بين الرياض ودمشق والتي من شأنها ان تدعم مسيرة المصالحة العربية عموماquot;.

ورغم الحراك السياسي، وتراجع التوتر في الاجواء، قال الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى في ختام اجتماع وزراء الخارجية العرب الثلاثاء ان quot;العقبات كثيرةquot; على طريق المصالحة العربية.
وتابع quot;الجو اصبح اقل توترا واقرب الى الرغبة والنية الى التفاهمquot;.

واكد الأمير سعود الفيصل في افتتاح الاجتماع الوزاري العربي ان جهود quot;المصالحة العربية والفلسطينية لن يكرسها ويدعمها إلا توافر رؤية موحدة ومشتركة ازاء القضايا ذات المساس المباشر بالامن العربي مثل النزاع العربي-الاسرائيلي والتعامل مع التحدي الإيراني سواء في ما يتعلق بالملف النووي او امن منطقة الخليج او اقحام اطراف خارجية في الشؤون العربية سواء في العراق او فلسطين او في لبنانquot;.

وتعتبر كل من القاهرة والرياض ان علاقات التحالف بين سورية وايران يمكن ان تؤثر سلبافيالمصالح العربية.

كذلك توقف المراقبون في بيروت عند ما يتردد عن بروز تباينات في وجهات النظر بين سوريا وإيران حول الانفتاح على الولايات المتحدة الأميركية، في ظل إدارة الرئيس الجديد باراك أوباما، وقال بعضهم إن طهران ترى في الدعوات الأميركية إلى الانفتاح على إيران وسورية مجرد مناورة يجب التعاطي معها بحذر شديد، بينما تعتبر دمشق أن إدارة أوباما مضطرة إلى تغيير سياساتها الشرق أوسطية، ويجب التعاطي معها بمرونة لتشجيعها على انتهاج سياسات جديدة ومغايرة للتي انتهجتها إدارة جورج بوش، وأدت إلى توتر شديد في علاقاتها مع سورية وإيران. ولفت في السياق ما ذكرته صحيفة quot;الخليجquot; الأماراتية عن أن إيران تراقب المسار المستقبلي للعلاقات السورية مع السعودية ومصر، رغم تأكيد دمشق أن هذه العلاقات لن تتعارض مع العلاقات الاستراتيجية السورية ـ الإيرانية، بل ستخدم تعزيز العلاقات العربية ـ الإيرانية، وتساهم في تخفيف التوترات بين الجانبين.

*******

خلاف مع إيران وتقارب عربي

هذا وينظر المحلل السوري أسامة الاحمد إلى الزيارة بكثير من الاهتمام لجهة التوقعات انها ستحدد مكان القمة الرباعية المصغرة حيث سيوجه العاهل السعودي من خلالها الدعوة للرئيس السوري لزيارة الرياض .

ورأى الأحمد ان أمام سوريا مهمة صعبة في القيام بتوازنات ما بين علاقاتها مع ايران وعلاقاتها العربية ، واشار الى تصريحات وزير الاسكان الايراني الذي زار دمشق أمس حاملا رسالة من الرئيس الايراني الى الرئيس السوري ليسلمها الى نائب الرئيس فاروق الشرع دون لقاء الرئيس السوري ، وليحض في تصريحاته على وجوب استثمار انتصار غزة ، كذلك أشار الأحمد الى التصريحات الايرانية إبان زيارة رئيس الوزراء السوري ناجي العطري الى طهران والتحذير الايراني لسوريا من العدو اسرائيل ، لافتا في الوقت نفسه الى تصريحات وزير الخارجية السعودي ، والتي اعتبرها مؤشرا مهما بارزا للخلاف والتي دعا فيها الى التعامل مع التحدي الايراني، سواء في ما يتعلق بالملف النووي او امن منطقة الخليج او إقحام إطراف خارجية في الشؤون العربية، سواء في العراق او فلسطين او في الساحة اللبنانية، حيث هذه هي المرة الاولى التي يصف فيها وزير خارجية عربية في تصريح علني له سياسة ايران بانها تشكل تحديا للأمن العربي.

واشار الاحمد الى انه يبدو ان ما يطبخ في الاروقة السياسية هو احياء المبادرة العربية للسلام وتطبيقها ، وقال اذا نظرنا نظرة شاملة نجد ان واشنطن تقف الان موقفا مختلفا وربما راعيا وتجس النبض من خلال زيارة وزير خارجيتها للمنطقة بل اكثر من جس النبض فهو باتجاه وضع النقاط على الحروف، وما ايفاد المسؤولين الاميركيين الى دمشق الا لهذا الغرض بعد لقاء عماد مصطفى السفير السوري في واشنطن مع القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان ، فيما يتم التنسيق عربيا في القاهرة ، لافتا الى قول الوزير الفيصل في افتتاح الاجتماع الوزاري، ان التخلي عن المبادرة العربية للسلام سيمثل نوعا من إلحاق الأذى بالنفس في ظل غياب البديل الافضل.

ورحب الأحمد بالمصالحة السورية السعودية ، وقال انه لقاء مهم للبلدين في منتصف الطريق ، واضاف انا كنت من اوائل المشككين بالمصالحة بعد قمة الكويت واعتبرتها مرحلية وقرأت نوعا من الخلاف على مكان القمة المصغرة في دمشق ام في الرياض الا ان المصالحة بدت حقيقية بزيارة المعلم الى الرياض وزيارة الفيصل المقبلة الى دمشق ، متمنيا ان يستمر التنسيق والعمل بين الدول العربية ما بعد قمة الدوحة ، واختتم حديثه بالقول يبدو ان هذا العام هو عام التسويات بالفعل.

هذا وبحثت أمس لجنة السلام العربية في اجتماع على مستوى وزراء الخارجية برئاسة سوريا جهود عملية السلام وفرص التسوية في الشرق الأوسط والعراقيل التي تعترضها منذ مؤتمر أنابوليس حتى اليوم.

وانبثقت لجنة السلام العربية عن قمة بيروت العربية عام 2002 التي تبنى خلالها القادة العربي مبادرة السلام العربية مع إسرائيل والتي حذر العرب مؤخرا من أنها لن تبقى مطروحة إلى الأبد أمام رفض إسرائيل لها.

كما عقد مجلس السلم والأمن العربي اجتماعا على المستوى الوزاري للدول الأعضاء من بينها سوريا والسعودية للنظر في كيفية تفعيل المجلس كآلية عربية لتسوية المنازعات فيما أعدت الجامعة العربية تقريرا يتضمن مقترحات حول كيفية تفعيل المجلس الذي أحدثته قمة الخرطوم عام 2006 وإعطائه اختصاصات جديدة ليقوم بدوره في حماية الأمن القومي العربي. بهية مارديني