شائعة أربكت الإعلاميين... وأفرحت المتطرفين
كيف مرّت quot;لعنةquot; إقالة رؤساء تحرير صحيفة quot;الوطنquot; فوق خاشقجي ؟
![]() |
فهد سعود من الرياض: لم تكن الأيام الأربعة الماضية أيامًا عادية على الصحافة السعودية، بل كان الهرج والمرج هو الدارج فيها، بسبب الشائعة الأبرز والأكثر إرباكًا وهي إقالة رئيس تحرير صحيفة quot;الوطنquot; السعودية جمال أحمد خاشقجي، الذي اجتمعت حوله عدة عوامل لتقوية الإشاعة، ويزيد الطين بلة تأكيد وكالة الأنباء الفرنسية للخبر بعد نشرها التأكيد على لسان الكاتب بصفحة الرأي في ذات الصحيفة خالد الغنامي، والذي عزى الإقالة إلى غضب الأمير نايف من الوطن بسبب سؤال حول تسلط الهيئة على المجتمع، دون إيضاح منه أن السائل كاتب رأي وليس صحافيًا، لكن الغنامي أكد أن حديثه عن الإقالة نقل كذبًا على لسانه.
وشكل خبر الإقالة الذي نشر في وكالة الأنباء الفرنسية صدمة للكثيرين، خصوصًا لمن كانوا على يقين من عدم حدوث ذلك، إلا أن سرعة تداول الخبر وضع الوكالة الفرنسية في موقف لا تحسد عليه، سيما أنها تعاني -بحسب متابعين لها-، من عدم الدقة والضعف في متابعتها للشأن السعودي تحديدًا.
وحول الفخ الذي وقعت به الوكالة الفرنسية يقول أحد الإعلاميين لإيلاف: لم نستغرب نشر الوكالة لمثل هذا الخبر، فهي معروفة بعدم دقتها، كونها تعتمد تاريخيًا على كوادر غير متخصصة، ولذلك وقعت في هذا الفخ الذي أصاب بعض المواقع المحسوبة على المتشددين أيضًاquot;.
وفاجأ رئيس التحرير المخضرم خاشقجي القراء والمتابعين بمقالة له عن انتقادات الأمير نايف لصحيفة الوطن، ليبين للجميع أنه على رأس العمل، وأن الصحيفة تتقبل نقد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية بمحمل الجد وتعتبرها رؤية تعمل من خلالها، ليوصل الرسالة أنه على رأس العمل رئيسًا لتحرير صحيفة quot;الوطنquot; السعودية.
وكانت مصادر مطلعة من داخل وزارة الثقافة والإعلام قد نفت وجود قرار رسمي بذلك، كما تحدثت مصادر مطلعة في وزارة الداخلية السعودية عن أن الأمير نايف كان غاضبًا لكنه لم يتحرك بهذا الشأن. في الوقت الذي كان الإحتمال الأخير أن يكون قرار الإقالة ndash; الشائعة ndash; قرارًا داخليًا من المؤسسة الصحافية الأحدث في المملكة.
التكهنات استمرت لأربعة أيام،والصحف الإلكترونية المحسوبة على التيار المتشدد بدأت تصفية حساباتها بعيدًا عن المهنية بنشر خبر الإقالة والتأكيد عليه، لكن وكالة الأنباء الفرنسية وقعت في الفخ كذلك وتداركت الأمر متأخرًا، وموقع الجزيرة نت أول موقع يصدر تصحيحًا وينشره بشكل رسمي على لسان مدير عام مؤسسة عسير للصحافة والنشر حاتم مؤمنة، ليأتي الفصل الأخير من هذه الشائعة الأشهر والأبرز في عام 2009م على المستوى الإعلامي، حين صرح جمال خاشقجي لصحيفة الحياة في عددها الصادر اليوم بأن الشائعة كاذبة وأنه يستغرب ممن يريدون التشفي مطالبًا الصحف الإلكترونية بتحري الدقة والمصداقية.
وتزامنًا مع هذا التصريح الأول لخاشقجي منذ انتشار الشائعة، فقد كتب مقالاً اليوم الأحد يحمل عدة رسائل غير مباشرة نشره في زاويته quot;الورقة الثالثةquot; بعنوان quot;سمو النائب الثاني والوطنquot; وتحدث فيه عن لقاء الأمير نايف مع التلفزيون السعودي بمناسبة مرور 4 سنوات على تولي الملك عبدالله مقاليد الحكم في البلاد، لينتهي بحديثه عن غضب الأمير نايف من الوطن ولومه لها والذي وصفه خاشقجي بأنه لوم ستأخذه الصحيفة كتابًا ومراسلين ومحررين وعاملين فيها على أنه نصائح وتوجيهات.
يقول أحد الإعلاميين لـquot;إيلافquot; بعد نفي الشائعة رسميًا والتأكد من زيفها quot;المضحك أن جمال خاشقجي لم يكن مذنبًا، ولو تمت إقالته لكانت كارثة على حرية الصحافة في السعودية فنحن في آخر القائمة فهل نريد أن نكون الأخير من الأخير مثلاً... جمال خاشقجي رجل خلوق ولا مزايدة على وطنيته، وهنا لا نرى أي خروج عن العقيدة أحدثه خاشقجي في الصحيفة طيلة الأيام الماضية، أو إساءة إلى السعودية أو وضع بعدها ما شئت فلماذا الحديث عن الإقالة بهذا الشكل الممجوج؟..quot;.
من جهته، استغرب الكاتب في صحيفة الوطن السعودية، خالد الغنامي، مما نقل على لسانه عن إقالة جمال خاشقجي، وقال في تصريح خاص بإيلاف: quot; قرأت الخبر المنشور على الجزيرة نت ووكالة الأنباء الفرنسية والمنقول فيه عني أنني نقلت خبر إقالة الأستاذ جمال خاشقجي من منصبه كرئيس لتحرير جريدة الوطن السعودية، و أحب أن أصرح هنا بأن هذا الخبر كذب ومختلق جملة وتفصيلاً ولست بمسؤول عنهquot;.
وكان أول رئيس تحرير للصحيفة هو قينان بن عبدالله الغامدي والذي رئسها لمدة عامين قبل إقالته لأسباب كثرت التكهنات حولها، قبل أن يعود لكتابة مقاله مجددا قبل شهرين، في الصحيفة نفسها.
ثم تلاه فهد العرابي الحارثي كمشرف على التحرير، ليتم تكليف جمال أحمد خاشقجي برئاسة تحريرها لمدة لم تزد عن 55 يوماً قبل أن تتم إقالته بسبب ما قيل حينها أنها سطوة الإسلاميين وشكاواهم. وبعده تولى طارق إبراهيم رئاسة الصحيفة لمدة تزيد عن العام لتتم إقالته ويتم تكليف الدكتور عثمان الصيني رئيساً مكلفاً للتحرير لمدة عامين، ليعود جمال أحمد بن خاشقجي في عام 2006م لتولي رئاستها من جديد، وحتى الآن.
ولعل خاشقجي، الذي يقضي إجازته السنوية في العاصمة الإيطالية روما،محظوظ حينما مرت فوقه العاصفة، فلم ينحنِ لها ولم تجبره على الخضوع، بل ظل صامدًا وأجبرها على تغيير المسار،لتكون لعنة الإقالة لرؤساء تحرير صحيفة الوطن السعودية قد مرت بسلام مودعة كرسي الرئاسة


.jpg)


التعليقات