هذه كلمات تحاول كشف تلاقي الأحزان الخاصة عندي بالأحزان الكبرى في عالمنا. كما يصب الرافد الصغير في بحر واسع ومتلاطم من الأحزان والمآسي... وهذا التلاقي يزلزل وجداني وفكري ويثير خواطر وتساؤلات ومشاعر مرّة.

إذا بدأت بالخاص فأذكر انني في السنوات الماضية فقدت العديد من الأحباب بينهم شقيقتان وأخ وولدي سامي والصديق الدكتور رياض الأمير كما فقدت قطي الحبيب ريمي بعد صداقة أحد عشر عاما... وها أنذا أفاجأ برحيل القط دودوالذي تبنيته ورعيته منذ خمس سنوات بعد أن القاه أصحابه على قارعة الطريق وهو جائع ومريض وبعين واحدة ويرتجف بردا. وقد صار ولدي وصديقي وضياء عيني المريضتين. وعندما انفردت به في المركز الطبي وهو في لحظاته الأخيرة كانت نظراته تكاد تقول لي "إنني أتعذب يا أبتي... انقذني... انقذني". فتركته بين أيدي الأطباء لإبرة الخلاص وأنا أردد مع نفسي بيت ابن زريق البغدادي:

"ودعته وبودي لو يودعني

صفو الحياة وإني لا أودعه"

وعدت إلى مسكن كئيب موحش لأسمع مجددا أخبار ما يجري في منطقتنا من المآسي المفجعة فأتأثر من جديد وأتذكر أحزان عائلات مئات الآلاف من ضحايا بشار الأسد وحماته في موسكو وطهران... أطفال يبكون أمهاتهم وأمهات يبكين أطفالهن... كذلك أحزان عائلات ضحايا داعش هذا الوحش المفترس الذي ترعرع بين أحضان القمع السوري والحرس الثوري الإيراني وحسابات المالكي... وهناك الملايين من النازحين الذي يعيشون في أسوأ الظروف وأكثرها مأساوية. 

لقد تغير العالم وصار ساحة موت ودمار وإرهاب وعدوان... ساحة يلعب فيها بوتين وخامنئي وبشار الأسد والسلطان أردوغان وزعيم كوريا الشمالية والميليشيات العراقية وداعشوالقاعدة وبوكو حرام وأمثالهم من الوحوش البشرية...؛ وفي مواجهة هذه الوحوش وقوى الشر هناك أزمات قيادية في الغرب ومجلس الأمن مشلول بفعل الفيتو الصيني الروسي... لقد تراجعت الآمال وتوارت مشاعر الحب والتضامن البشري.. وهذا ما يهزني حتى صرت أتساءل ما إذا اقترب يوم ألقي فيه القلم جانبا فأكتب وداعا يا سلاح.

آمال تذهب والظلمة تخيم ومع ذلك أسمع ابن زيدون وهو يقول: 

"ربما أشرف بالمرء على الآمال يأس"

كما أتذكر قول أديب كتب: "الحب أقوى من الموت". وأقول مع نفسي: هل يمكن أن يأتي من بعدي عالم آخر تنهض فيه قوى الديمقراطية والتضامن لتدك أوكار الطغاة والإرهابيين ولتجتث مشاعر الكراهية وهوس القتل والموت، فتنتصر الحياة على الموت ويعم السلام.