في تقرير لمراسلة غربية من أفغانستان، تتحدث امرأة من نساء طالبان عن أنّ زوجها علّمها كيفية الدفاع عن الدار في وجه العدو. وتقول إن كليهما انخرط في صفوفها بسبب الخسائر الفادحة التي يمنى بها الناس بفعل laquo;الدرونraquo; الأميركية.


محمودة تحمل مدفعها ومعها ابنتها وشقيقة زوجها

صلاح أحمد: رشاش الكلاشنيكوف معلق على الحائط ومخبأ عن الأعين بمعطف شتوي ثقيل. تتناوله محمودة (32 عامًا) وتجلس على الأرض فتضعه على حجرها، لتبدأ تفكيكه وتنظيف قطعه. تنظر إليها جويدة، شقيقة زوجها، التي تحتضن طفلاً، وتخاطبها بصوت خفيض: laquo;على رسلك.. إلزمي الحذرraquo;. وترد محمودة بقولها: laquo;لا تقلقي، فقد فعلت هذا مرارًا من قبل. زوجي علّمني استخدامه في حال واجهنا العدوraquo;.

كلا المرأتين زوجة لمقاتل من طالبان في إحدى قرى إقليم غزني، في شرق أفغانستان. وهما من شريحة عريضة من النساء، يطلق رجال الحركة الأصولية عليهن اسم laquo;مجاهدةraquo; (المجاهدات). ولا تقتصر مهمة هؤلاء على الدعم المعنوي للمقاتلين، بل تشمل أيضًا تهريب السلاح تحت طيات البرقع ونقل الرسائل والعناية بالجرحى.

وقالت صحيفة laquo;تايمزraquo; البريطانية، التي نشرت التقرير، إن رجال طالبان سمحوا لمراسلتها باستجواب المرأتين، شريطة ألا يظهر وجهاهما على الصور، وألا يتسرّب نبأ الحوار معهما إلى بقية سكان القرية. فقالتا إنهما وزوجيهما انخرطوا في صفوف طالبان قبل ست سنوات كنتيجة مباشرة لغارات طائرات laquo;الدرونraquo; الأميركية في جنح الظلام ونوع الخسائر البشرية والمادية الفادحة التي تحدثها.

تقول محمودة: laquo;قُتل رضيعي بعد شهر واحد من ولادته. ما الذي يمكن أن نفعله غير التصدي للغزاة بكل ما نستطيع؟raquo;. من جهتها، تقول جويدة إنها مؤمنة بما تفعله في صفوف طالبان، رغم نوع الحجر الذي تفرضه على النساء. وعلى حد قولها، فإن طالبان laquo;تريد الحفاظ على المرأة الأفغانية مسلمة ملتزمة، ونحن نؤيد هذاraquo;.

وتؤكد المرأتان أنهما تتطلعان إلى عودة طالبان إلى الحكم laquo;من أجل مستقبل الأطفالraquo;، بمن فيهم بنتاهما الصبيتان، اللتان تحرمهما طالبان من التوجه إلى المدرسة. أما السبب في هذا فهو أنها laquo;ستفتح للبنات مدارس إسلاميةraquo; عند تقلّدها زمام السلطة من جديد في كابول.

في غضون غياب زوجيهما، تمارس المرأتان واجبات المنزل اليومية. وتقول محمودة إن زوجها laquo;يغيب أربعة أو خمسة أيام، ثم يعود إلى الدار ليلاً مثل اللصraquo;. وتضيف أنه حاليًا في باكستان، من أجل المزيد من التدريب على فنون القتال. ولذا فقد علّمها تفكيك الكلاشنيكوف وإعادة تركيبه واستخدامه في حال أغار الأعداء على المكان.

مع ذلك، وكما هو الحال مع التقليد السائد في البلاد، فإن زوج محمودة يحدّ للغاية من حركتها. لكنها تقول إن كونها زوجة لمقاتل في طالبان ذو منفعة واضحة laquo;لأن المقاتلين عند عودتهم إلى الديار يكونون في غاية الإجهاد فلا يقوون على ضربنا كما يفعلون عادةraquo;.

وتحيط محمودة وجويدة علمًا بمحادثات السلام بين طالبان وحكومة الرئيس حميد كرزاي في قطر. وتعرب المرأتان عن أملهما في أن يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق يعيد الحياة الطبيعية إلى البلاد. لكنهما تقولان إنه في حال الفشل في هذه المساعي، فإن القتال سيستمر كالعادة.

وتقول محمودة: laquo;سنواصل الجهاد طالما ظلّ الأميركيون يحتلون بلادنا. وبعد رحيلهم فسيكون بمقدورنا إرسال أطفالنا إلى مدارس إسلامية جيدة، وسيعود أزواجنا إلى الزراعة كما كان حالهمraquo;.