تستمر وحدات حماية الشعب (YPG) في مقاطعة "الجزيرة" السورية بشن هجمات متتالية تستهدف أوكار تنظيم "داعش" الإرهابي في ريف مدينة القامشلي. وقد تواترت الأنباء عن تقدم ميداني كبير وإلحاق خسائر كبيرة بالإرهابيين الذين يدافعون بشراسة عن آخر معاقلهم في المقاطعة التي تٌعد ثالث أكبر محافظة على صعيد الوطن السوري. ولأن تنظيم "داعش" لا يقيم أي وزن للقوانين الدولية أو حرمة الدم والعرض، ولكي يتلافى الهزيمة المنكرة، فقد عمد إلى استخدام القرويين كدروع بشرية بغية منع وحدات حماية الشعب من التقدم. وأكد الأهالي في اتصال هاتفي مع وجهاء عرب في إدارة المقاطعة بأن مرتزقة "داعش" يمنعونهم من مغادرة القرى المحيطة ببلدة تل حميس في ريف القامشلي، ويهددونهم بالقتل إذما حاولوا الفرار. وكان بعض المدنيين قد سقطوا قتلى على أيدي مقاتلي "داعش" انتقاما للموقف "الحيادي" الذي أظهروه حيال المواجهات مع وحدات حماية الشعب.

وما أن سمع "الائتلاف الوطني السوري" (وهو تنظيم معارض لنظام بشار الأسد وممول من استخبارات دول إقليمية) بالحادثة، حتى أصدر بيانا مليئا بالافتراءات والأكاذيب بغية النيل من سمعة وحضور وحدات حماية الشعب وتبرئة "داعش" من الجرائم التي يرتكبها بحق المواطنين الكرد والعرب والسريان/الآشور في المقاطعة. وقد عمد "الائتلاف" إلى الإيعاز لفضائية "أورينت" الطائفية لضخ التقارير الكاذبة واتهام وحدات حماية الشعب والانتصار لتنظيم "داعش" الإرهابي الذي تصر هذه الفضائية على تسميته ب "الدولة الإسلامية"!.طبعا "الائتلاف" لم يدن مقتل 5 مواطنين مدنيين في القامشلي جراء القصف العشوائي لإرهابيي "داعش" على أحياء هذه المدينة. وما زالت حملة الكذب والدجل ونشر الفتنة بين مكونات مقاطعة "الجزيرة" مستمرة على أثير هذا المنبر وغيره من منابر "الثورة السورية"، تلك الثورة التي حولها "الائتلاف" بارتزاقه للدول الإقليمية إلى "مصدر رزق" بعد أن عرض دماء السوريين في سوق الأجندات الطائفية في المنطقة.

منذ الإعلان عن مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية في المناطق الكردية، وتشكيل مقاطعة "الجزيرة" التي تٌعد بحق العمود الفقري للاقتصاد السوري، واتفاق مكونات المقاطعة من كرد وعرب وسريان/آشور على الإدارة وبناء الحكومة المحلية، منذ ذلك الحين و"الائتلاف السوري" يشن حملة موتورة وظالمة على هذه المقاطعة ولا يفوّت أي فرصة للنيل منها، حتى لو ساند في عدائه هذا تنظيم "داعش" الذي يسفك دماء السوريين كل يوم.

"الائتلاف" حاقد على المقاطعة للأسباب التالية:

أولا: إنه فشل في "تحرير" قرية صغيرة لكي يقيم عليها "حكومته" الوهمية، فهذه "الحكومة" مع "الوزارات" و"الوزراء" مازالت في تركيا، وعملها على الورق فقط. بينما في مقاطعة "الجزيرة" هناك واقع ميداني سيادي على الأرض وسياسة يومية ومنطقة شاسعة يسكنها حوالي 2,5 مليون إنسان.

ثانيا: إن العرب والسريان/الآشور والكرد مشاركون في إدارة مقاطعة "الجزيرة" وان هناك اعترافا رسميا بكل المكونات في (العقد الاجتماعي) وإن اللغة الكردية هناك هي لغة رسمية إلى جانب العربية&والسريانية، وهو ما يعني "الخروج" من عباءة "الائتلاف" الذي وعد مموليه في تركيا ودول الخليج السنيّة بدولة مركزية ذات صبغة عروبية سنيّة، أقرب إلى مذهب الوهابية الإخوانية.

ثالثا: إن وحدات حماية الشعب (YPG) بدأت تتحول لجيش قوّي يحارب "داعش"، ولا يسمح له بتخريب المقاطعة مثلما فعل مع الرقة ودير الزور، وهو ما يغيظ "الائتلاف" إذ كيف ينعم أهل "الجزيرة" بالأمان والخير بينما المدن والمحافظات التي ينحدر منها "رموز" هذا "الائتلاف" قد دٌمرت على أيدي "داعش" أو دكها النظام دكا. والأنكى بان هناك المئات من الشباب العربي والسرياني/الآشوري قد انضموا إلى صفوف وحدات حماية الشعب، والعشرات منهم استشهدوا في معارك مع "داعش" والكتائب المرتزقة الأخرى، وهذا يناقض نهج "الائتلاف" القائم على ضرورة أن تحتكر طائفة محددة العمل المسلح، وأن يكون التمويل حصرا من جهات معينة، وعبر "الائتلاف" لا غيره!.

رابعا: إن حاكم مقاطعة "الجزيرة" هو الشيخ حميدي دهام الهادي الجربا، شيخ قبيلة شمّر العربية العريقة، وإن هذه القبيلة وقسم كبير من قبيلة الجبور العربية الأصيلة، مشاركون في إدارة المقاطعة، وهو ما يعني عمليا فشل رهان "الائتلاف" على الحرب العرقية بين الكرد والعرب، مثلما أرادت تركيا وبعض القوى الإقليمية الأخرى. والمتابع لتاريخ وكيفية تشكيل "الائتلاف" يعلم جيدا كيف سعت قوى إقليمية معينة لضمان "مناصب" رئيسية لأشخاص ينحدرون من هاتين القبيلتين، حيث تم شراء ذمم بعض الضالين وتعيينهم في "قيادة" هذا "الائتلاف" بغية استخدامهم للتحريض على الكرد و توريط قبائلهم في الحرب العرقية، التي لم ولن تحدث.

خامسا: إن سلطات مقاطعة "الجزيرة" لم تسمح ل"الائتلاف" بفتح أي ممثلية له ضمن أراضي المقاطعة، لخطره على السلم الأهلي ومعاداته للمصالح الوطنية السورية، ورفضت السماح لبعض المرتبطين به في توزيع الأموال المرسلة من دول شمولية متخلفة لشراء ذمم بعض العشائر والعوائل والشخصيات ونشر التحريض الطائفي ضد الشيعة والعلويين والمسيحيين والدروز والإسماعيليين، والتحريض القومي ضد الكرد والسريان/الآشور والأرمن والشيشان. فمقاطعة "الجزيرة" البعيدة عن تخريب "الائتلاف" هي سوريا الحقيقية التعددية، التي يعيش فيها كل أبناء الوطن السوري دون الخوف من القتل على الهوية الدينية أو الطائفية أو العرقية. ففيها 52 كنيسة محمية ومحروسة، وفيها مئات الآلآف من المهجرين. ومؤخرا احتلت وحدات حماية الشعب(YPG) ضمير العالم الحر كله عندما أنقذت مئات الآلاف من الإيزيديين والمسيحيين والتركمان الشيعة من الموت المحقق على أيدي عصابات "داعش" عندما فتحت الممر الإنساني الآمن وأخلت هؤلاء من سنجار وتلعفر وبر نينوى. وقد قدمت الوحدات في سبيل هذا العمل الإنساني المشرف حوالي 100 شهيد.

لهذه الأسباب وأخرى كثيرة، يظن "الائتلاف" إنه بوقوفه ضد الإرادة الحرة لأهل "الجزيرة" سوف يضر بهؤلاء ويضر بالمقاطعة ويحرض ضدهم بقية أبناء الشعب السوري. هيهات وكلا. إن أهل "الجزيرة " لديهم خصوصية لا يفهمها "الائتلاف" ومرتزقته، فهم سيحكمون مقاطعتهم ولن يسمحوا لعودة الزمن السابق عندما كان النظام يسمي "الجزيرة" ب"البقرة الحلوب" ويرسل أناسا من محافظات أخرى يأتون لينهبوا خيراتها. إن زمن استغلال أهل "الجزيرة" ونهب رزقهم قد ولى. لن يسمح "الجزراويون" لأحد بأن يمارس الوصاية عليهم أو يورطهم في حروب إقليمية مقبوضة الثمن.

أهل مقاطعة "الجزيرة" من كرد وعرب وسريان/آشور يتمتعون بالأمن والأمان ومنخرطون في قوتهم العسكرية للتصدي للغرباء الذين يريدون قتلهم والاعتداء على أرضهم وعرضهم، مثلما فعلوا في مناطق سورية أخرى.

أهل "الجزيرة" لن يسمحوا لعملاء الاستخبارات الإقليمية والدولية بالتسيّد عليهم وتمرير أجندة غريبة عن الوطن السوري بينهم، أهل "الجزيرة" سيكونون أصحاب القرار. هم الأسياد والقادة.

أهل "الجزيرة" يقولون: لا مكان ل "داعش" في مقاطعتنا...

أهل "الجزيرة" يقولون" لا مكان ل "الائتلاف" المرتبط بالأجندة الخارجية في مقاطعتنا...

&