يكاد يكون نوروز اجمل الاعياد واشهرها عند شعوب الاقوام الارية واجمل الاعياد في فصل الربيع مما حذى ببعض الدول بتسميته عيد الربيع وتحتفل دول كثيرة بعيد النوروز وباشكال مختلفة ومنها من يعتبر هذا اليوم عطلة رسمية في بلاده كالعراق وكوردستان العراق و أيران مثلاً، ومنهم من يعتبره عيدا تتخلله احتفالات معينة كالهند وافغانستان وباكستان، وبالرغم من اهمية وشهرة هذا العيد فأن هذه الشعوب تمارسه وتحتفل به اليوم باعتباره عيداَ وطنياً كايران وقومياً كالعراق (اكراد العراق) ولكن بمراجعة بسيطة تلاحظ ان هذا العيد هو في الاصل عيد ديني قديم مرتبط بالاديان التي انتشرت في ايران والعراق قبل الاسلام كالزرادشتية والمانوية والمثرائية والايزدية الخ واخذ طابعاً قومياً بعد دخول الاسلام وبقيت هذه الاقوام تحتفل به بعيداً عن الطبيعة الدينية، وما يبرهن على دينية هذا العيد اعتبارات عديدة فمثلا ان العيد يصادف في يوم فلكي مميز هو (21/ اذار) وفي هذا الوقت والتاريخ من السنة تحديداً يتساوى الليل والنهار فلكياً في الوقت وبعدها يبدء الليل تدريجياً بالتراجع ليطول النهار دخولاً بفصل الصيف المعروف بطول نهاره في هذه المناطق وهذا قد يوضح اصل التسمية (نوروز ) اليوم الجديد اي اليوم التي تبدء فيه الحياة من جديد فالمعروف ان قديماً لم يكن ساعات وتعريف بوقت انتهاء الشتاء وبداية الصيف فكان الفلك والكواكب هي المقياس وعليه ففي هذا اليوم كانوا يحتفلون دينياً باعتباره يوما للدخول الى بداية طول النهار وما يمثلة من مصدر للعيش والعمل بالنسبة للفلاحين والتي كانت الزراعة مصدرهم الاساس ويشابه هذا العيد في طقسة رؤية الديانة الايزيدية لعيدهم الكبيرعيد (ايزي) لدى الايزيدية الذي يصادف

&يوم 15 /12 من كل سنة وهو اقصر ايام السنة حيث يحتفلون اعتقاداً بأن الشمس بعد هذا اليوم تبدء بالظهور ويبدء الشتاء بالانحسار ليعلن بدء مرحلة الربيع وموسم الزراعة، كما ان الاديان القديمة كانت ترى بأن الخيلقة بدءت بالربيع والارض بدءت بفصل الربيع ولهذا تلاحظ تباعاً بعد اعياد النوروز تبدء اعياد مهمه وكلها ذات اصول قديمة ولها ارتباطات فلكية&

(كعيد اكيتو) لدى الاشوريين الذي يصادف في نيسان وعيد&

(سرصال) عيد رأس السنة الايزيدية عند اتباع الديانة الايزيدية وعيد (شم النسيم) عند الفراعنه وكلها لها نفس المغزة والفكرة والطقوس وهذا مايرجح فرضية بأنها يوم جديد لبداية السنة وبداية الخليقة.

وفي نوروز ايضا يستخدم (النار ) كرمز اساسي للاحتفال ويذكر ان النار كان من الطقوس والرموز الاساسية لدى الاديان القديمة ومنها الزرادشتية ويعد النار فلسفيا ودينيا احد العناصر الاساسية للكون والحياة (النار، الهواء، الماء، التراب) وبدون احد هذه العناصر لا وجود للحياة ولا بداية للكون، وتاكيداً لفرضية الابتعاد عن الصبغة القومية هو ان الكثير من الدول تحتفل فيه وبصور مختلفة ففي الهند هناك احتفالات بالالوان والنار وافغانستان بالنار وفي ايران ياخذ مساحة اكبر من باقي الدول فهو العيد الوطني لهم وعيد راس السنة الايرانية ويعتبر عطلة رسمية يحتفل به رسميا في ايران من قبل الحكومة والعوائل حيث يخرج العوائل الى البرية والحدائق للاحتفال بالبيض المسلوق والملون بالاضافة الى مشتقات الحنطة وغيرها، وعندما وضع الشاعر والفيلسوف الكبير (عمر الخيَام ) تقويم الدولة الايرانية بدء السنة بعيد النورز وقال بأنه عيد لايختلف عليه احد وهو رمز مهم في تاريخ الدولة الفارسية، وفي هذا العيد طقوس مهمه حيث يتم صنع سفرة من (7) اشكال والكل يعرف ان رقم (7) هو رقم له ارتباط في طقوس دينية وصوفية معروفة.

وتاكيداً لفرضية الاصل الديني لعيد نوروز كذلك، ان كتاب مفاتيح الجنان احد الكتب المهمه لاخوتنا الشيعة يذكر بأن احد الائمة من ال البيت الكرام (جعفر الصادق) عليه السلام كان يمر في احد المناطق في المدائن (طاق كسرى) فرئ الناس تحتفل فقال تنوروز ويستحب في هذا العيد الصلاة ركعتين والمعروف ان الامام جعفر كان ائمة زمانه والصلاة طقس ديني لايقال الا لغرض فيه حالة دينية وكذلك يستحب الاغتسال والتعطر، ولهذا العيد رمزية دينية كبيرة ايضا لدى الزرادشتية و الاسماعيلية (طائفة من الشيعة ) والبهائية.

وان رمزية هذا العيد من الناحية الدينية جعلت الدول التي تحتفل به وتتخذ منه رمزاً للكثير من المناسبات والحركات الثورية والاجتماعية وبدخول الاسلام لهذه الدول ابعد عنه الصبغة الدينية فتحول عيداً قومياً ووطنياً يحتفل به من قبل الدول التي كانت تدين بالاديان القديمة.

ويبقى نوروز عيدا ربيعيا جميلا ونبراسا للحرية والانعتاق من الديكتاتورية وتاريخاً لتاثير الاديان القديمة على ثقافات الشعوب وتقاليدها.

كل نوروز وانتم بخير

&