سلطان القحطاني من دبي: ساعات قليلة تفصل عن بدء القمة السادسة والعشرين لدول مجلس التعاون الخليجي التي تحتضنها مدينة أبو ظبي ضمن مسيرة طويلة للتكتل الخليجي تقارب أكثر من ربع قرن تحققت خلالهاعدة إنجازات لم تكن بموازاة طموحات أهل الخليج، فيما يقبع أحد الـ quot;لا متفائلينquot; في الطابق الحادي عشر من إحدى بنايات مدينة دبي المطلة على الخليج العربي متحدثاً لـquot;إيلافquot; عن القمة وشجونها.
عبد العزيز بن عثمان بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث يرى أنه لزاماً على قادة الخليجي أن ينحوّا خلافاتهم جانباً عن قمة أبو ظبي وذلك للتركيز على القواسم المشتركة التي لا تعيق العمل الخليجي المشترك،مطالباً بأن تكون توصيات قمة أبو ظبي في ضوء المحاور التي يريدها المواطن الخليجي،وهو المواطن الذي لابد من تفعيل مشاركته السياسية في دول مجلس التعاون.
وقال ابن صقر في سياق حديثه مع quot;إيلافquot; إن المواطن الخليجي يطمح إلى: quot;تنفيذ المشاريع المشتركة والقرارات التي صدرت عن المجلس، ومشاركة أوسع في القرارات السياسية والاقتصادية، وزيادة فرص العمل، وتغليب المصلحة المشتركة لدول المجلس على المصلحة الخاصة، وألا تطغى الخلافات الثنائية على المصلحة العامةquot;.
وأشار إلى أن الظروف التي مرت بها منطقة الخليج ، أملت على دول مجلس التعاون الخليجي أن تعطي اهتماماً أكبر للشؤون الأمنية والسياسية على حساب الشؤون الاقتصادية، وquot;دليلنا على ذلك، المواضيع التي استعرضتها القمم الخليجية منذ قيام المجلس حتى اليوم، حيث نرى أن التركيز الأساسي ينصب على القضايا الأمنية التي تصدرت معظم بيانات تلك القمم، باستثاء بعضها مثل الدورة الثانية والعشرين التي عقدت في سلطنة عمان في 30-31 كانون الأول (ديسمبر) 2001، وإعلان الدوحة 22 كانون الأول (ديسمبر) 2002. ومع ذلك احتلت قضايا الإرهاب ومكافحته حيزاً كبيراً من مؤتمرات القمة، خاصة في الفترة الممتدة من 1994 إلى 1997، وبصورة أكبر بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001. quot;
وكان قد طالب في مقال نُشر السبت في صحيفة إماراتية بأن يتم إشراك دول الخليج العربي في المفاوضات التي يجريها الإتحاد الأوروبي مع إيران في ما يختص بالترسانة النووية الإيرانية،وسبب ذلك كما قال لـquot;إيلافquot; أمام بوابة المركز البحثي الذي يرأسه،أن دول الخليج تقع في موقع صعب وهي ستكون المتضرر الأكبر من السلاح النووي الإيراني.
وهذه مقتطفات من المقابلة التي أجريت في دبي :
تعقد قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية دورتها السادسة والعشرين في أبوظبي. ما الذي تحقق من إنجازات لمجلس التعاون الخليجي حتى الآن؟
إن قدرة مجلس التعاون الخليجي على الحفاظ على استمراريته هي عنصر جوهري يجب ألا نقلل من أهميته، خاصة أن هناك تجمعات عربية ظهرت واختفت مثل مجلس التعاون العربي أو أصابها الجمود مثل الاتحاد المغاربي. وفي إطار هذه الحقيقة يتعين تقويم دور المجلس في إطار الأهداف المنوطة به حسب وثائقه من ناحية، وفي إطار الظروف التي أحاطت به منذ نشأته من ناحية أخرى، وذلك بعيداً عن منهج التهوين من إنجازات المجلس، والذي يصل إلى حد القول إنه لم يحقق شيئاً، أو التضخيم من هذه الإنجازات، حيث يعتقد البعض أن المجلس قد حقق كل شيء. فالمجلس حقق من دون شك إنجازات ملموسة، وإذا كانت هذه الإنجازات أقل مما تطمح إليه شعوب دول المجلس، فإن المطلوب هو تفعيل دوره وتعزيز قدرته على الإنجاز.
على الرغم من الظروف الصعبة التي مرت بها دول مجلس التعاون الخليجي خلال قرابة خمسة وعشرين عاماً، بدءاً بالحرب العراقية - الإيرانية 1981-1988، وغزو النظام العراقي للكويت، وحرب تحرير الكويت (أغسطس 1990-1991)، ومن ثم الإطاحة بنظام صدام حسين، وانتهاء بالاحتلال العسكري الأميركي ndash; البريطاني للعراق، وتداعيات هذا الاحتلال على دول وشعوب المنطقة، إلى جانب إفرازات أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، والحرب المعلنة على الإرهاب، يمكننا القول إن دول المجلس وعلى الرغم من أنها استطاعت استيعاب هذه الهزات، جعلت الهاجس الأمني يسيطر على توجهات المجلس وقراراته، وذلك على حساب جوانب تنموية. ومع ذلك استطاع مجلس التعاون الخليجي خلال مسيرة تجاوزت الخمس والعشرين سنة أن يحقق العديد من الإنجازات التي دفعته إلى تعزيز التقارب والتفاهم بين دوله. يمكن إيجازها بما يلي:
على صعيد السياسة الخارجية:
استطاع مجلس التعاون الخليجي أن يكون له رؤية واضحة وتوجه يعبر عن تقارب في وجهات النظر في إطار السياسة الخارجية للدول الأعضاء من خلال التشاور والتنسيق في ما بينهما في العديد من الموضوعات والقضايا الخارجية التي تؤثر في مستقبل الخليج، وقد عبر المجلس من خلال ذلك عن وحدة الصف الخليجي في العديد من القضايا لعل أبرزها على المستوى الداخلي تأكيده الثابت لسيادة دولة الإمارات على جزرها الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، ناهيك عن رفض العدوان العراقي على الكويت ودخول الحرب ضد العراق من أجل تحرير الكويت وتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك وتعزيز دور درع الجزيرة في حماية أمن دول الخليج.
وعلى المستوى العربي:
احتلت القضية الفلسطينية اهتماماً كبيراً في سياسات دول مجلس التعاون الخليجي، فمنذ انطلاقة مسيرة السلام في الشرق الأوسط، في مؤتمر مدريد عام 1991، عملت دول المجلس على دعم جهود السلام الهادفة إلى إنهاء الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وتحقيق الحل العادل والدائم للقضية الفلسطينية، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وخريطة الطريق.
وانطلاقاً من دعمها للسلام خياراً استراتيجياً، رحبت دول المجلس وشاركت في مؤتمر مدريد ممثلة بأمينها العام، كما شاركت بعد ذلك في الاجتماعات متعددة الأطراف المنبثقة من مؤتمر السلام.
وقد دأبت دول المجلس على الاهتمام بقضية الشرق الأوسط وعملية السلام، وذلك من خلال دفاعها في المحافل الدولية والإقليمية عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ومساندتها للجهود التي تصب في دعم المسيرة السلمية. وقد عكس هذا الاهتمامَ مبادرة السلام التي طرحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عندما كان ولياً للعهد، والتي تبنتها قمة بيروت عام 2002، وأصبحت مبادرة عربية لإحلال السلام في الشرق الأوسط.
ويأتي النشاط المكثف الذي قامت به دول المجلس بالتعاون مع الدول العربية والإسلامية والاتحاد الأوروبي، وغيرها من الدول المعنية، لتحريك عملية السلام واستئناف المفاوضات، في سياق حرص دول المجلس على إحلال الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة.
تطورات الوضع في العراق:
| الدورة ال 24 لمجلس التعاون |
حرصت دول المجلس على مواصلة تقديم كل أشكال المساعدات الإنسانية للشعب العراقي، وتجديد استعدادها للمشاركة في إعادة إعمار العراق، في إطار ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الدول المانحة، الذي عقد في مدريد في 23-24 تشرين الأول (أكتوبر) 2003.
كما تدعم وتؤيد دول المجلس كل الجهودَ الدولية المبذولة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولا سيما القرار رقم 1546 لتسريع نقل السلطة إلى الشعب العراقي وبناء مؤسساته الدستورية بما يكفل استقرار العراق وسيادته ووحدة أراضيه وعودته عضواً فاعلاً في محيطه الخليجي والعربي والدولي. فضلاً عن دعم وتأييد كل الجهود المؤدية إلى تحقيق المصالحة الوطنية، وإشراك كل أطياف الشعب العراقي في العملية السياسية حفاظاً على وحدة العراق وسيادته، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.
مكافحة الإرهاب:
استطاعت دول المجلس من خلال المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في مدينة الرياض خلال الفترة الممتدة من 5 إلى 8 شباط (فبراير) 2005، حشد التأييد والدعم الدوليين لاقتراح المملكة العربية السعودية لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب. كما عملت دول المجلس من خلال حواراتها مع الدول الصديقة والمنظمات الإقليمية والدولية على تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام والمسلمين، وعلى أهمية احترام ثقافات الشعوب ومعتقداتها الدينية في إطار مبادئ احترام تنوع القيم والمفاهيم الحضارية وتعدد الثقافات بين الشعوب والأمم.
كذلك نبهت دول المجلس إلى عدم إغفال إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل في الأراضي المحتلة، وطالبت بالتمييز بين الإرهاب والمقاومة المشروعة التي تقرها القوانين والشرائع الدولية.
أسلحة الدمار الشامل:
كان التوجه إلى رفض احتواء المنطقة على سلاح نووي وضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل سواء في إسرائيل أو في إيران، من أساسيات الأجندة الخليجية الموحدة، ودعتكل الدول للتوقيع والتصديق على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وإخضاع المنشآت النووية كلها لنظام التفتيش والإشراف الدولي.
السياسة الداخلية لدول الخليج:
في إطار التعاون الأمني، وهو مجال تزداد أهميته بمرور الوقت، اتفق وزراء الدفاع في اجتماعهم الدوري في 4/10/2004 الذي عقد في الكويت على زيادة حجم درع الجزيرة لكي يصل إلى 12 ألف منتسب بحلول عام 2010، وتزويد القوات بأحدث المعدات العسكرية والتكنولوجية وصولاً إلى إنشاء جيش نظامي خليجي موحد، بالإضافة إلى مناقشة مشروع quot;حزام التعاونquot; الذي يربط دول المجلس بشبكة من الاتصالات وأجهزة الإنذار المبكر وشبكة قيادة وسيطرة خليجية مشتركة تمهيداً للوصول إلى التكامل العسكري. إضافة إلى استكمال إجراءات التنقل بالهوية أو البطاقة الذكية عبر دول مجلس التعاون الخليجي كلها. وسوف تقوم كل دولة بالتطبيق في إطار ظروفها ومدى استعدادها لذلك. وكان التنسيق الأهم في مجال الأمن بين دول الخليج هو مكافحة الإرهاب وتكاتف الجهود الخليجية كلها لمواجهته والقضاء عليه. وقد وقعت دول المجلس اتفاقية في ما بينها لمكافحة الإرهاب، وهي تمثل إطاراً للتنسيق والتعاون بهذا الخصوص.
وفي مجال التعاون الاقتصادي والتجاري، استطاعت دول الخليج خلال أكثر من خمسة وعشرين عاماً زيادة التعاون الاقتصادي والتجاري في ما بينها، بما في ذلك قيام بعض دول المجلس بمعاملة مواطني الدول الأخرى الأعضاء معاملة المواطن والسماح لهم بتملك الأراضي والعقارات وشراء الأسهم والسندات في الشركات المساهمة في البورصة والمضاربة، وذلك وفق قوانين كل دولة، وكذلك السماح بإقامة مركز تحكيم تجاري لدول المجلس، وإنشاء النظام الأساسي لهيئة المحاسبة والمراجعة لهذه الدول، بالإضافة إلى وجود تواصل بين القطاع الخاص الذي تمثله الغرف التجارية مع الأمانة العامة لمجلس التعاون من خلال لقاء دوري بينهما، يتم فيه إطلاع الغرف على آخر قرارات المجلس، وتُطلع الغرف الأمانة العامة على متطلباتها من المجلس. إضافة إلى ما سبق، ارتفع حجم التبادل التجاري في ما بين دول المجلس بين عامي 1993 و2003 من 11.1 مليار دولار إلى 18 مليار دولار عام 2002 بزيادة بلغت 63%، وزاد حجم الصادرات التجارية من 5.5 مليارات دولار عام 1993 إلى 9.4 مليارات دولار عام 2002، وفي عام 2003 بلغت 11.7 مليار دولار، وفي عام 2004 ارتفعت بنسبة 19.5% عن عام 2003. ويعود ذلك إلى عدة أسباب من أبرزها انعكاسات بداية مراحل تطبيق الاتحاد الجمركي وتحرير التجارة البينية، وإجراءات الإعفاء الضريبي التي طبقتها دول المجلس من خلال معاملة المستثمر الخليجي معاملة المستثمر الوطني. بالإضافة إلى تطوير الأنظمة والقوانين المعمول بها داخل دول المجلس بهدف إزاحة أي عقبات تواجه عمل الاتحاد الجمركي لدول المجلس، والسماح للبنوك الوطنية بفتح فروع لها في الدول الأعضاء، والسماح بتملك المواطنين الخليجيين للأراضي والعقارات، والسماح لهم بممارسة الأنشطة الاقتصادية والمهن باستثناء أنشطة محددة في داخل كل دولة. ومن المقرر إنشاء خط سكة حديدي بين الدول الخليجية، ما يعزز من الترابط والتعاون بين دول الخليج ويزيد حجم التبادل التجاري والسياحي بينها. إضافة إلى ما سبق، طلبت دول المجلس من صندوق النقد الدولي الحصول على صفة مراقب في اللجنة النقدية والمالية الدولية في الصندوق بوصفها كتلة واحدة، حتى يتسنى لها التفاعل والتأثير بشكل جماعي ومؤثر.
أما عن التعاون في مجال التعليم والثقافة، فلقد أسهم مجلس التعاون الخليجي في إيجاد صيغة مشتركة لتطوير التعليم في دول المجلس من خلال تعديل لوائح وقوانين التعليم، فضلاً عن التمويل والمساندة المالية بين دول المجلس لبناء المدارس والمعاهد والكليات وتوفير المدرسين. إضافة إلى تكليف وزارات التعليم في دول الخليج إيجادَ خطة تطوير شاملة للتعليم، وقد أوكلت الوزارات بدورها المهمة إلى المكتب التنفيذي للتربية، حيث تولى مهمة وضع البرامج الملائمة لتحقيق قرار المجلس الأعلى، بالإضافة إلى أن المجلس حاول خلال السنوات الماضية نشر الثقافة الخاصة بكلٍّ من دول الخليج لدى الدول الأخرى عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة كلها بهدف زيادة التوعية والتقارب بينها في المجال الثقافي.
أما التعاون في مجال الصحة، فكان متواكباً مع التطور في مجالات الصحة العالمية والحرص على الوقاية من كل الأمراض الخطرة، سواء التي ظهرت حديثاً مثل أنفلونزا الطيور أو القديمة مثل الإيدز. وذهبت إحصائية صادرة عن المدير العام للمكتب التنفيذي لوزراء الصحة الخليجيين الدكتور توفيق خوجة إلى أن نسبة الإصابة بمرض الإيدز في دول المجلس هي 2 لكل 100 ألف نسمة، إضافة إلى تأكيد خلو دول مجلس التعاون الخليجي حتى الآن من مرض أنفلونزا الطيور، وكان التعاون في هذا المجال يشمل التأمين والكشف الصحي على جميع الوافدين من الخارج للتأكد من عدم تسلل الأمراض الخطرة إلى دول المجلس.
وفي مجال التعاون السياحي والإعلامي، فكان حق مواطني الدول أعضاء المجلس في الاستثمار الحر المنضبط بقوانين كل دولة أساساً لبناء العديد من المشاريع السياحية والتجارية الداعمة للسياحة والإعلام في دول المجلس، ما أدى إلى زيادة المشاريع السياحية والقنوات الإعلامية بين هذه الدول. ولعل تطوير الطرق وتمهيدها بين دول المجلس، وكذلك إنشاء جسر الملك فهد بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، والعمل على إنهاء جسر المحبة بين دولة قطر ومملكة البحرين، وتطوير شركات السياحة وخفض أسعار التذاكر بين دول الخليج، من العوامل الرئيسة في دعم السياحة البينية بين دول المجلس، إضافة إلى تعديل القوانين واللوائح الداخلية في مجال السياحة والإعلام لتتناسب ومراحل التكامل التي تمر بها دول المجلس.
وفي إطار التعاون في الشؤون التشريعية والإدارية، تم إصدار تشريعات في المجالات المشتركة كلها بهدف تطويرها والوصول بها إلى نقاط مشتركة تدفع إلى تحقيق الغاية الكبرى لها وهي تعزيز التكامل بين دول المجلس، كما تعمل دول المجلس على تطوير اللوائح والقوانين الداخلية لها لكي تتواءم في ما بينها على النحو الذي يسهل عملية التكامل في شتى المجالات البينية، ويجري الآن إعداد المشروع الاسترشادي الموحد لنظم وتشريعات التأمينات الاجتماعية في دول المجلس، كما نُوقش في الاجتماع السادس عشر لوزراء العدل لدول المجلس مشروع قانون القُصَّر، واتفاقية نقل المحكوم عليهم بين دول المجلس، إضافة إلى إعمال شبكة إلكترونية بين هذه الدول، وتشريعات خاصة بمكافحة الإرهاب، ونظام لمشروع قانون موحد للأحوال الشخصية بين دول المجلس، وتم اعتماد العديد من المشروعات الرئيسة بهدف تقنين العديد من أحكام الشريعة الإسلامية وتعزيز التعاون بين أجهزة العدل والقضاء بين دول المجلس، وهناك وثيقة الدوحة للنظام الجزائي الموحد لدول المجلس، ووثيقة الرياض للنظام الموحد للإجراءات الجزائية وغيرهما من الوثائق التي تدل على التوجه نحو التكامل التشريعي والقانوني لدول المجلس.
وعلى الرغم من كل الإنجازات سالفة الذكر وهي ليست بالقليلة، فإنه لا يمكن القول إن المجلس قد حقق بصورة كاملة أهداف النظام الأساسي له، ولكنه يسير في خطوات تدريجية نحو بلوغ هذا الهدف، البعض يراها خطوات بطيئة لا تلبي ما يطمح إليه المواطن الخليجي، بينما يدافع طرف آخر بأنه يجب تقويم الأمور ضمن الواقع والمتاح، فالمجلس هو مجلس تعاون وتنسيق وليس منظمةً فوق الدول تطلب من الدول الأعضاء التنازل عن جزء من سيادتها الوطنية لمصلحتها.
خلال مسيرة المجلس الطويلة، أيّ الهَمّيْن، في رأيك، كان له النصيب الأكبر من الاجتماعات الخليجية: الاقتصادي أم الأمني والسياسي؟ كما ذكرنا آنفاً، فإن الظروف التي مرت بها منطقة الخليج ، أملت على دول مجلس التعاون الخليجي أن تعطي اهتماماً أكبر للشؤون الأمنية والسياسية على حساب الشؤون الاقتصادية، ودليلنا على ذلك، المواضيع التي استعرضتها القمم الخليجية منذ قيام المجلس حتى اليوم، حيث نرى أن التركيز الأساسي ينصب على القضايا الأمنية التي تصدرت معظم بيانات تلك القمم، باستثاء بعضها مثل الدورة الثانية والعشرين التي عقدت في سلطنة عمان في 30-31 ديسمبر 2001، وإعلان الدوحة 22 ديسمبر 2002. ومع ذلك احتلت قضايا الإرهاب ومكافحته حيزاً كبيراً من مؤتمرات القمة، خاصة في الفترة الممتدة من 1994 إلى 1997، وبصورة أكبر بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. وربما يكون التنسيق الأمني بين وزراء داخلية دول مجلس التعاون هو من أفضل المجالات التي يتم فيها التنسيق والتفاهم وتنفيذ القرارات بين دول المجلس. والواقع أنه لا غرابة في ذلك، فالظروف التي تحيق بالمنطقة وما تشهده من تطورات وتحولات، ربما تفرض مثل ذلك التنسيق، حيث أصبح الإرهاب لا حدود له ولا دين ولا جنسية. مع اعتقادنا بأن معالجة مثل هذه الأمور لا تتم بالمعالجة الأمنية بمفردها، بل لا بد لها من معالجة اجتماعية واقتصادية وسياسية أيضاً. هل تعتقد بأنه قد آن لدول المجلس فض تجمعها الإقليمي، على اعتبار أن أسباب تأسيسه السياسية والأمنية انتفت؟ هل أنت متفائل بوجود تكتل اقتصادي فاعل لدول الخليج يستطيع مجابهة أو موازاة التكتلات الدولية الأخرى؟ نعم. ولكنْ، إذا أمكن تنسيق وتنفيذ الخطط الاقتصادية المشتركة، وهنا أود أن أركز على أمر جوهري في اعتقادي، وهو أنه إذا كان للخبراء والمختصين أن يضعوا الخطط الاقتصادية ويدرسوها، فلتنفيذها لا بد من قرارات سياسية. وهنا يمكننا القول إن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة. فالمشكلة التي يعانيها مجلس التعاون تتمثل بأمرين: إلى أيّ حدٍّ ترى أن دول المجلس استطاعت التغلب على مشكلاتها الداخلية؟ وما أبرز المشكلات التي تواجه دول الخليج في ظل المعطيات والإحصاءات المتوافرة لديك؟ في رأينا، وحسب المعطيات المتوافرة والواقع، هناك مشكلتان أساسيتان تواجهان معظم دول المجلس إن لم أقل جميعها، وهما: ![]()
عبد العزيز بن صقر يتحدث لايلاف
يبدو لي هذا السؤال في غير محله، ففي الوقت الذي يتجه فيه العالم نحو إقامة التكتلات وتعزيزها، لا يُعقل أن تتخلى دول المجلس عن الكيان الذي يجمع بينها منذ ربع قرن. في رأيي، لا بد من المحافظة على مجلس التعاون، على الأقل كمظلة تضم دول المجلس، فشأنه شأن الجامعة العربية، فهو ما زال تجمّع دول متمسكة بسياداتها الوطنية. وهنا، من وجهة نظري، تكمن المشكلة في شعور شرائح واسعة في دول المجلس بعدم استطاعة المجلس تحقيق الأهداف التي نصت عليها ديباجة نظامه الأساسي عام 1981 على النحو الذي تتصوره هذه الشرائح، ولكن ذلك يجب أن يكون دافعاً لتفعيل دور المجلس وليس اليأس من العمل الخليجي المشترك. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، إن المتغيرات الدولية التي نشاهدها اليوم تعطي للتنافس الاقتصادي الدور الأبرز. ومن هنا يمكننا القول: عوضاً عن هدم المنزل، يتعين العمل على إصلاحه، وهذا يتطلب عدة شروط، ربما نتطرق إليها في سياق حديثنا.
1-تغليب السياسة الخاصة الضيقة والآنية في بعض الأحيان على السياسة المشتركة لدول المجلس، فتنفيذ القرارات الاقتصادية يلزمه قرارات سياسية.
2- ضعف آلية المتابعة، حيث تصدر قرارات عن المجلس، ولكنْ تفتقر إلى آلية محددة للمتابعة، ما يستوجب التفكير بجِدّ في إيجاد هذه الآلية.
فإذا أمكن تجاوز هاتين العقبتين، فكل الإمكانات المتاحة لدول المجلس تمكنه من إقامة تكتل اقتصادي قوي، لا نقول لمجابهة التكتلات الأخرى، بل متفاعل ومؤثر بصورة أكبر بكثير مما هو عليه الآن.
1-التركيبة السكانية وآثارها السياسية والأمنية والاجتماعية، خاصة أن نسب البطالة في دول المجلس في ارتفاع مستمر، حيث يصل بعضها إلى 30 في المئة، وهي كما شبهها البعض quot;قنبلة موقوتةquot;، بينما تبلغ نسبة العمالة الوافدة ما بين 70 و80 في المئة في بعض دول المجلس، وما بين 40 و50 في المئة في البعض الآخر.
2- مشكلة تفعيل المشاركة السياسية والديمقراطية، فعلى الرغم من الخطوات المهمة التي اتخذتها دول المجلس بهذا الشأن، فإن هناك حاجة لمواصلة جهود الإصلاح بما في ذلك تعديل بعض التشريعات القانونية والسياسيات على النحو الذي يحقق هذا الهدف، ويجعلها تواكب المتغيرات الدولية الراهنة.
كما أن مجتمعات الخليج اليوم ليست بالمستويين التعليمي والاقتصادي اللذين كانت عليهما في السبعينات وبداية الثمانينات. اليوم هناك أعداد كبيرة من خريجي الجامعات في دول المجلس لا يجدون عملاً. نقصد هنا العدد وليس مخرجات التعليم التي لا بد من إعادة النظر فيها. ما نقصده أن المواطن الخليجي اليوم أكثر تعليماً وأكثر انفتاحاً على عالم أشبه بقرية كونية صغيرة، ما يؤكد أهمية تعزيز مشاركته في الشأن العام.
ما أبرز التوصيات التي لا بد لقمة أبوظبي أن تخرج بها لتحقيق تطلعات الشعوب الخليجية؟
أولاً نريد أن نحدد ماذا يريد المواطن الخليجي، وفي ضوء ذلك يمكن تقديم التوصيات.
باختصار، ومن خلال متابعة ما يُكتب ويُنشر عن المجلس، يمكن القول إن أهم طموحات المواطن الخليجي تتمثل في: بطاقة هوية موحدة، وعملة موحدة، وترجمة التشريعات إلى واقع قابل للتنفيذ، وتسهيل العبور بين دول المجلس على شاكلة الاتحاد الأوروبي، وزيادة فعالية التجارة البينية بين دول المجلس.
كما يطمح المواطن الخليجي إلى: تنفيذ المشاريع المشتركة والقرارات التي صدرت عن المجلس، ومشاركة أوسع في القرارات السياسية والاقتصادية، وزيادة فرص العمل، وتغليب المصلحة المشتركة لدول المجلس على المصلحة الخاصة، وألا تطغى الخلافات الثنائية على المصلحة العامة.
نعلم أن أمام قادة دول مجلس التعاون تحدياتٍ جساماً في ظل أوضاع دولية وإقليمية معقدة ومتسارعة، لكننا في الوقت نفسه نرى أنه بالإرادة والتصميم والرؤية البعيدة يمكن التقدم نحو غدٍ أفضل.
إن مؤتمر القمة كما وصفه البعض سيكون مؤتمراً فاصلاً، لذلك فمن المتوقع أن يتم:
1-طرح الخلافات التي تعيق العمل المشترك جانباً، والتركيز على القواسم المشتركة.
2-التركيز ما أمكن على الجانب الاقتصادي وإيجاد الآلية المحددة للمتابعة وتنفيذ القرارات.
3-توجيه الاهتمام إلى معالجة البطالة في دول المجلس عامةً ( إذا كان جارك بخير فأنت بخير)، وذلك برأينا من خلال تنظيم انتقال العمالة وتنفيذ المشاريع المشتركة.
4-توجيه الاهتمام إلى مزيد من المشاركة السياسية والاقتصادية للمواطن في دول المجلس.
5-معالجة القضايا الأمنية الداخلية معالجة اجتماعية واقتصادية، إضافة إلى المعالجة الأمنية.
5 - تجديد هيكلة وصلاحيات الأمانة العامة لمجلس التعاون باعتبارها الأداة التي يمكنها متابعة القرارات، وكذلك الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون.
6- توحيد المواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية، خاصة ما يتعلق بأمن الخليج والعلاقة مع دول الجوار الإقليمي.















التعليقات