شروط التأكيد المستعصية لحزب الله
ماذا لو أخطأ نصرالله تقدير الجولة الثانية

إقرأ أيضا

أنان في بيروت لتعزيز الهدنة بين لبنان واسرائيل

نصر الله :ملتزمون بالطائف ..فليشكلوا حكومة وحدة وطنية

يزور لبنان ولا يلتقي لحود

خدام : خطاب الأسد لطالب ثانوية مراهق

لحود: الجيش قادر على ضبط الحدود مع سوريا

دول الاتحاد الاوروبي جوهر القوة الدولية وانان يحدد مهامها



تقرير رسمي يؤكد تورط أولمرت وايتسك في قضايا فساد سياسية

مسؤولون إسرائيليون: لا مناص من استقالة بيريتس

بلال خبيز من بيروت: قد تكون النقطة الأبرز التي تضمنها حديث السيد حسن نصرالله امين عام حزب الله لمحطة تلفزيون الجديد في بيروت، هي النقطة المتعلقة باعتراف السيد بإن قيادة حزب الله المؤلفة من حوالي 15 عضواً يملكون خبرة عريقة في التعامل مع العدو الإسرائيلي في السياسة والأمن والحروب لم تتوقع ان يكون الرد الإسرائيلي بهذا الحجم الذي كان عليه. وانه لو كان ثمة توقع مماثل لما كان الحزب قد دخل في هذه المغامرة لاعتبارات لا تحصى. لكن السيد يعود فيؤكد ان الحديث عن جولة ثانية اسرائيلية ليس إلا كلاماً في الهواء ويسوق تدليلاً على صحة رأيه جملة اسباب وجيهة وتتصل اتصالاً دقيقاً بمجريات الامور في لبنان واسرائيل قبل الحرب واثناءها وبعدها. لكن هذه الوجاهة التي تتسم بها هذه الأسباب لا تعفي المرء من التساؤل مجدداً: ماذا لو كان تقدير حزب الله عن الجولة الثانية غير دقيق وخاطئ كما كان تقديره عشية الحرب المفتوحة التي شنتها اسرائيل على لبنان؟ ايضاً ذلك التقدير كان يملك اسباباً وجيهة قطعاً للأخذ به، لكنه لم يكن صحيحاً بدليل ما آلت إليه الحال اليوم.

على هذا التساؤل الذي لم تطرحه الزميلة التي حاورت الامين العام لحزب الله يجيب السيد نصرالله، بأن المقاومة وسلاحها اليوم، وبعد هذه الحرب خصوصاً، لا تريد الاستئثار بقرار الحرب والسلم، وان هذه المقاومة اليوم ليست إلا عنصراً من عناصر القوة اللبنانية إذا ما قررت الدولة اللبنانية ضرورة المواجهة. هذا الرد كان السيد محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة البرلمانية قد اعلنه صراحة قبل بضعة ايام. المقاومة تلتزم ضبط النفس، لكن لصبرها حدوداً، والمقاومة تعتبر ان اولويتها اليوم هي إعادة النازحين إلى قراهم ومدنهم وتالياً استقرار عيشهم في هذه المدن والقرى.

مثل هذا الخطاب المتعقل الذي ينطق به السيد نصرالله لا يلبث ان ينزلق إلى الخطاب الشعاري الاصلي المتعلق بحجم النصر الذي حققته المقاومة اللبنانية في الجنوب، مقاتلين واهلاً، وفي باقي المناطق اللبنانية، دبلوماسية واهلاً ايضاً. فيطمئن السيد نصرالله اللبنانيين بالقول لا داعي للخوف من انتصار المقاومة، والحق ان الخوف ادعى إذا ما انهزمت المقاومة. لكن السؤال الكبير الذي يمكن لأي كان ان يسأله: اذا كانت المعادلة التي ثبتتها المقاومة تفضي إلى ايذاء اسرائيل في حال قررت الاعتداء على لبنان، فهل يجوز مرة اخرى ان تخاض حرباً من الجانبين؟ وهل تبقى المقاومة منتصرة إذا قررت مرة أخرى الشروع في هجوم غير محسوب النتائج كالذي قررته صبيحة الثاني عشر من تموز ndash; يوليو المنصرم؟

بكلام آخر، هذه المقاومة منتصرة وتنتصر ما دامت تلتزم جانب الدفاع عن البلد ولا تتعدى هذا الجانب إلى الهجوم في اي نقطة او مكان. وهذا بالضبط ما حاول السيد نصرالله الإشارة إليه وهو يذكر بالعمليات التذكيرية في مزارع شبعا التي كانت المقاومة تقوم بها بين الفينة والفينة ما قبل حربتموز (يوليو).
لكن حزب الله الذي اساء تقدير حجم الرد الإسرائيلي الذي عرض لبنان برمته إلى امتحان بالغ الصعوبة، ونجح في تفادي اسوأ نتائجه، والذي لا يمكن ان يبقى نصراً إذا لم يتم استثماره على المستوى اللبناني الأعم، اي إذا لم يندرج جملة وتفصيلاً في جعل البلد يكتسب مناعة في مواجهة العبث بأمنه وسياسته من اي طرف خارجي، يتمنطق بهذا النصر ليجعل منه حجة على اللبنانيين. فيدعو إلى حكومة وحدة وطنية، كما لو ان وقائع المعركة وطبيعة النصر الذي تحقق تفرض على اللبنانيين ان يلتزموا شروط حزب الله في الداخل، في وقت يبدو ان مجريات الامور تشير بلا لبس إلى نجاح المقاومة في الصمود والاستبسال وفشلها في التقدير وحسن التبصر. وليس خافياً ان البلد برمته قبل 12 تموز ndash; يوليو المنصرم كان يحذر من اي انزلاق عسكري على الحدود يستدعي رداً اسرائيلياً شاملاً، وان صحفاً كثيرة نشرت مثل هذا السيناريو قبل علمية اسر الجنديين الإسرائيليين بأسابيع. مما يعني ان ما كان خافياً على حزب الله كان واضحاً عند غيره. ورغم ذلك لم ير قادة حزب الله في آراء هؤلاء وتحذيراتهم ما يدعوهم لمراجعة حساباتهم قليلاً او كثيراً، كما لو ان الجميع، في لبنان وخارجه، اقل علماً ومعرفة من قادته المجربين.