مساع تستهدف حلحلة الخلافات بمواجهة تحديات إقليمية متنامية
مسألة البشير تختطف القمة وتضع القادة حيال مأزق المواجهة الدولية

نبيل شرف الدين من الدوحة: تأتي القمة العربية الواحدة والعشرين التي تعقد في العاصمة القطرية الدوحة وسط مساع تستهدف حلحلة الخلافات العربية، في مواجهة تحديات إقليمية متنامية تواجه المنطقة، بمشاركة الرئيس السوداني عمر البشير، وقد بدا أن هذا الحدث هو الأكثر إثارة في فعاليات القمة، إذ شكل أكبر تحدٍ من نوعه لقرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقاله، وغياب يكتنفه الغموض للرئيس المصري حسني مبارك عن القمة العربية للعام الثاني على التوالي، إذ لم يشارك أيضاً في أعمال قمة دمشق العربية العام المنصرم .

وفي بيان لهم طالب القادة العرب بإلغاء الإجراءات المتخذة من قبل الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير، فبينما حث الرئيس السوري بشار الأسد الزعماء العرب على رفض قرار الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق البشير، فقد حذر أمير دولة قطر الغرب من الوقوع في ما أسماه خطأ بالسودان، قائلا : quot;إذا حدث أي شئ للرئيس السوداني فسوف يؤدي ذلك إلى شيوع الفوضى بالسودان وأفريقيا، وسيكون ذلك بمثابة خدمة لتنظيم القاعدة الذي يسعى لأن يكون هذا البلد مكانا بديلا للعراقquot;.

ونقلت وكالة الأنباء القطرية عن أمير قطر قوله فى حديث أدلى به لمجلة (دير شبيغل) الألمانية إن بلاده تتوسط لحل أزمة دارفور منذ زمن بعيد وتعتقد أنه ينبغي منح أطراف النزاع الوقت الكافي للتحضير لمؤتمر تفاوضي ينتهي باتفاق على ما من شأنه الحفاظ على مستقبل السودانquot; .

مأزق البشير

ووضع أمر اعتقال البشير العرب في ورطة، فأخر ما كانوا يودون له ان يحدث هو اخضاع زعيم عربي آخر للمساءلة لانتهاكه حقوق الانسان بعد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي أعدم عام 2006 . لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون ان يتهموا بانتهاك القانون الدولي خاصة بعد ان طلبت دول عربية تطبيق العدالة الدولية على إسرائيل لهجومها الذي شنته على قطاع غزة. لذلك ستحرص قرارات القمة العربية على التحدث عن العدالة في دارفور، إلا أنها ستكرر المطلب العربي بتأجيل أمر اعتقال البشير عاما .

وتوافق وزراء الخارجية العرب على بيان حول السودان يصدره القادة المشاركون في قمة الدوحة العربية، ويدعو إلى إلغاء الإجراءات القضائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير، ورد فيه أن القادة يؤكدون دعمهم وتضامنهم مع السودان برفض قرار المحكمة الجنائية الدولية الذي وصفه البيان بأنه ينال من قيادته الشرعية، كما أكد القادة العرب رفضهم لهذا القرار الذي من شأنه أن يؤثر سلباً على وحدة السودان واستقراره وسيادته، وعلى جهود السلام بما في ذلك المساعي القائمة في إطار المبادرة العربية الأفريقية ومساعي دولة قطر في هذا الشأن.

واعتبر بيان القادة العرب أن القرار القضائي الدولي يعد سابقة خطيرة تستهدف رئيس دولة ما زال يمارس مهام منصبه ويعد خرقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة 1961 ولقواعد القانون الدولي العرفي.

ودعا القادة مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته في إقرار السلام والاستقرار في السودان ويطالبون مجلس الأمن طبقاً لمسؤولياته في حفظ الأمن والسلم والتحرك للتوصل إلى موقف موحد لحماية عملية السلام والاستقرار في السودان، ودعم الجهود المبذولة لتحقيق تقدم على مسار التسوية السياسية لأزمة دارفور.

وأخيراً دعا القادة العرب إلى تقييم الموقف بلادهم من المحكمة، وعدم تجاوب الدول العربية مع إجراءاتها بحق البشير ورفضهم للقرار وكل ما يترتب عليه من آثار، وأكدوا ضرورة إتاحة الفرصة أمام القضاء السوداني المستقل والمؤهل والراغب لتحقيق العدالة الناجزة في دارفور، و حث القادة العرب منظمات الإغاثة والمجتمع المدني العربية على تكثيف تواجدها على الأرض في دارفور وتعزيز إسهاماتها في تقديم العون الإنساني للإقليم .

بشار والمصالحة

ألقى الرئيس السوري بشار الأسد كلمة أقر فيها بوجود حزمة من الخلافات العربية، غير أنه استدرك قائلاً إن المشكلة ليست في وجود الاختلاف بحد ذاته، وانما في طريقة التعاطي معه وإدارة تلك الخلافات. وحيال تنامي نفوذ عدة قوى إقليمية، يحددها المراقبون في إسرائيل وتركيا وإيران، تناقش قمة الدوحة العربية 26 بندا تتصدرها المصالحة العربية، وكذا قضية الرئيس السوداني مع المحكمة الجنائية الدولية، ومبادرة السلام العربية، وكيفية صياغة موقف إزاء تطورات النزاع العربي ـ الإسرائيلي والتطورات السياسية في إسرائيل، فضلاً عن الملفات المزمنة الأخرى والتي ظلت تحل عادة على كافة مؤتمرات القمة، مثل احتلال إيران للجزر الإماراتية، والتضامن مع لبنان والعراق .

ومضى الرئيس السوري قائلاً إن المصالحات هي الموضوع الأهم في هذه المرحلة بالنسبة للدول العربية، مشيرا إلى أن وجود خلافات عربية أمر طبيعي، لكن المشكلة تكمن دائما في إدارتها، وأضاف أن التضامن العربي لا يعني التطابق العربي، بل يعني التكامل العربي، وهو ليس عملية استنساخ للمواقف العربية، ولكنها تنسيق بينها. وأكد أن المصالحات العربية هي الموضوع الأهم في هذه المرحلة بوصفها الارضية التي يبنى عليها النجاح أو الفشل لأي قرار يتخذه العرب، وأنه في ظل غياب التضامن أو ضعفه يبقى أي اتفاق أو قرار مجرد وهم غير قابل للتنفيذ .

وأوضح بشار الأسد أن الخلافات العربية - العربية بلغت أوضح صورها في فترة العدوان الإسرائيلي على غزة، quot;إلا أن التبدلات التى حدثت فى الأسابيع التي أعقبت قمة الكويت الاقتصادية أعادت بصيص الأمل لدى الجميع في إمكانية الانتقال بهذه العلاقات لاتجاه الأفضلquot;. وأشار الأسد إلى أن إبقاء الوضع التصالحي ثابتا يرتبط بـ quot;المنهجية والمأسسةquot;، وقال quot;حتى هذه اللحظة لازالت علاقاتنا تخضع لنا كأشخاص لطبائعنا وأمزجتنا، وبالتالي فهي معرضة لاحتمالات سوء الفهم والتقدير، والاستمرارية في ما بدأناه لا تتحمل التبدلات الحادة وغير المتوقعةquot; .

وأكد أن الإرادة موجودة لدى الجميع، quot;لكن الإرادة الصادقة والنية الطيبة وحدهما غير كافيتين، فهما القاعدة والأساس، لكننا نسعى اليوم للبناء الكامل، والمشكلة ليست في وجود الاختلاف بحد ذاته، وانما في طريقة تعاطينا معه وإدارتنا للخلافquot;. وعقب الجلسة الافتتاحية للقمة العربية بالدوحة بدأت جلسة عمل مغلقة يحسم خلالها اعتماد مشروع جدول الأعمال، هذا ومن المقرر أن تعقد غدا الثلاثاء جلسة ختامة يتم خلالها اعتماد مشاريع القرارات ، واعتماد مشروع إعلان الدوحة ، والإعلان عن الرسائل والبرقيات الموجهة للقمة.

صور من الدوحة


بشار الاسد يقدم وصفة لحل الخلافات العربية مستقبلاً

دعوة القادة العرب إلى تغيير مواقفهم بشأن دارفور

المصلحون الجدد يرافقون الملك لقمة الدوحة

القمة بين quot;لاءاتquot; البشير وquot;توباتquot; حمد بن جاسم

إعتراضات عربية تؤدي إلى حذف بند الحوار العربي الإيراني
13دولة تؤكد حضور رؤسائها لقمة الدوحة والبشير يتحدى أمر إعتقاله

محمد الرميحي لحمد بن جاسم: هل التوبة القطرية نصوحة؟؟

نبيل شرف الدين وزيد بنيامين من الدوحة: