هنا في مدينة اربيل في كردستان العراق والتي احتضنت المُهجرين والضائعين من الشعب السوري المشتت حالياً والتي تشكلت لدى أهاليها العريقي عراقة البشرية شعار التكرار ((دبي العراق)) والذين لم يخّطر بِبال سُكان المدينة الرحّماء القّلب لدرجة السذاجة الحسية أنها ستتحول ذات يوم الى حضّن للفارين وصدر الإرضاع للذين اختاروا الشتات على المُجابهة و تفادوا الانغماس في الأحقاد المتفشية هناك في سورية الجريحة رغم غنّى ذاكرة سكانها بأحاديث الشتات والتشرّد ورغم سعي الحكومة نسبياً إلى الترويج لإخوة القادمين ومحبتهم.
هنا لمّ يكن هموم الداخل ولا هموم الشتات مايؤرق وافِديها الجُدد، ففرص البقاء والتمازج ليست بتلك المهمة المستحيلة، لا لشيء سوى ان الوافدين بصبْغة الإخوة والدّم الواحد. فجُّلهم من أبناء جُلدة اصحاب البلد (أكراد سوريون) وان كانوا يتقدمون عليهم بتجاوزهم لمراحل الانتقال التي يعيشون& وايضاً قدرتهم على تخطّي الاهتزاز الحضريّ المنتشر في صدر المدينة الإلقة حالياً.
هناك من حيث أتوا قد اختبروا الانتقال بعقود وعاشوا الثبات لسنين. وإن كان الثبات بطعم الاستبداد المتبدل وبلون قوميّة واحدة اختزالت الجميع في جلْبابها، فإيحاءات الثبات والشتات مع احتضّان الانتقال الجديد القديم وبحس الرحمه المُنقّط بطابع الإسلام الهادئ النادر البُؤر في المحيط المجاور عنوان المرحلة هنا.
شباب هناك في رحلة البحث عن المأوى والمسكن هنا، ولا مأوى يجدون الا بصيغة الاستعباد وشروط الشراهة الشايلوكية فلا أرث ثقافي يُساعد ولا أرث مهني فجُّل مايساعد نزيف طاقات تفوق الطاقة ذاتها!. غلاء فاحش ورأسمالية باتجاه نصف اشتراكي متذبذب، ضياع توجهي حكومي لا سندان ومطرقة ولا $ (السوق الحر) فقط تخبط اقتصادي باهت يخيل إلى العارفين التقصد الحكومي في التذبذب لتشتيت ابناء البلد عمداً؟!.
في ثورة الحُّب هُناك تصادم بريء في البداية براءة الثوار بمجابهة شراسة العّقود الاربع، غير إن التحول الى تناطّح وحشي مُهيب زاد من ضياع القاطنين بلا مأوى هُنا. وزاد من انسلال الصامتون الى الجوار، رغم التجريح وسواد الحقائق التي جابهوها والتي كانت وهم الاخوة والروابط القوموية قد حجبتها لسنين .
لقاءات هُنا لإبناء هُناك لإحاديث الذاكرة وحنينها، وهواجس العيش في الحاضر وسواد المستقبل ويطغى على كل ذلك وذاك سؤال متكرر هل لديك عمل ومسكن ؟!
مدينة اربيل بملاذها تجّمل الاسى للوافدين بذكرى المرور بمخيم دوميز، يتسائل احدهم: لا عمل أجد في بحثي من أشهر وأنا الحامل لإيقّونة الشهادات المُنهكة هُناك!! كما انني ما أزالُ اتقلب من مسكن لمسكن كضيف ثقيل. ولماذا لاتجد عمل مع كثرة الشركات هُنا ؟ يعلق احدهم، لانني لا أرضى الاستعّباد مُجيبا.... فهم يطلبون منا ان نعمل كعبيد لساعات طوال وبجهد مُضّن مقابل نقود قليلة وهذا نتاج إنهم يدركون حاجتنا للعمل والمسكن ويدركون اننا نحن السوريون (ويتناسى كرديّته الجامعة) بلا مسكن ولا رعاية ولا حقوق الا يعتبر هذا استغلالا ؟؟؟؟؟؟
ولما لا تجد بيت للإستأجار؟ يسئله محاور أخر بصبغة لاذعه؟ لأنهم لايؤجرون البيوت للشباب هُنا فهم يخّشون جيرة الشباب بعشائرية الانتقال التي يعيشون وبصّبغة الدين المتفشية (بغرابة الاكتشاف) التي لم نكن نتوقعها يجيب وبحزن لافت!
ولما انت هُنا؟؟؟ وماذا تريد مني ان افعل هل تريد مني ان أعود الى حيث لا عودة فيه هُناك أم تريد مني ان ابقى في كامب دوميز ببرودة الشتاء وحرارة الصيف الدهوكية المحببة؟!!!!
&ويصّمت الاثنين موافقين على اللا عودة واللا بقاء في مخيم العبور ذاك وبلا استأجار وبلا عمل.
في اربيل تتردد دوماً أخبار الزيارات الحزبية الكردية لقاعدة الإحلام ((كردستان العراق)) والتي تـتكرر بدوية مكوكية.& والتي لا تلقى اي اهتمام لدى الوافدين حيث اليأس من التغيير لإوضاعهم التي يعشيون والتقلبات التي يعايشون. يقول احدهم: وفد من احزابنا الكردية هُنا وبصيّغة التجدد، فيجيبه اخر: ومادخلنا نحن هم يأتون للتمتع بالهوتيلات والمقابلات الاعلامية ليس الا، لا يعنيهم ما نعاني ....مستمراً لسنتين من اللا لجوء واللا اندماج هُنا تمنيّنا أن نُلامس احساس التعاطف منهم معنا مهمهاً بكرديّته الهائجة...... يارجل هُم حتى لم يمرّوا بكامب دوميز حتى الان رغم صيت الالم والمعّاناة فكيف بحالنا هُنا.
هناك حيث الحقيقة التي بدأت تتبدد صورتها رويداً رويداً لم يكن لرجال الزيارات الى هنا سوى أطر مهمشة بتعمد الحاكم دائماً،& وببلادة ابطالها حيناً اخر. وفوقهما تميز الاطر بداخلها الاجوف والممل والذي لايعشق الابتكار السياسي ابداً . فتشتيت الجمع واختزال الوطنية لقسم (الاكراد) من الجمع في الانتساب لاطرهم كهدف رئيس جعلت منهم منبوذين لدى المنطلقين الى البحث عن الذات وتغيير الواقع دائماً، وكيف وان اصبحوا اسياد الاعلام ولسان حال القسم الاكثر تضررا هناك هنا في اربيل.
&