من سيخلف الحبر الاكبر وكيف سيكون ذلك
نظرة الوداع على البابا الاثنين والجنازة الخميس

ردود فعل عربية ودولية

حداد عامفي دول مختلفة

وفاة البابا يوحنا بولس الثاني

بولندا تتالم لوفاة ابنها وتقرع اجراسها حزنا

الكرادلة يجتمعون الاثنين لتحديد موعد الجنازة

تايوان محور الخلاف بين الصين والفاتيكان

ايطالي قد يخلف يوحنا بولس الثاني على الارجح

المرشحون المحتملون لخلافة البابا

الاجراءات الخاصة بفترة شغور الكرسي الرسولي

السرية التامة والتهديد بالقاء الحرم لدى انتخاب البابا

حبرية يوحنا بولس الثاني بالارقام

مجمع الكرادلة بالارقام

الكنيسة الكاثوليكية في ارقام

المحطات الرئيسية في عهد البابا

البابا .. مقتطفات ومحطات من الذاكرة

نبيل شـرف الدين من القاهرة: بينما تشتعل سراً وعلانية بورصة التكهنات حول اسم وهوية خليفته، وما إذا كان سيصبح أول شخص غير أوروبي يعتلي رأس الكنيسة الرومانية، دمعت مآقي أكثر من مليار كاثوليكي في شتى أنحاء العالم بعد الإعلان رسمياً عن وفاة البابا يوحنا بولس الثاني, بعد أن دخلت صحته خلال الأيام الماضية منعطفا خطيراً إثر الهبوط الحاد في الدورة الدموية وتداعي أمراض الشيخوخة عليه، مما دفع حاضرة الفاتيكان إلى الإعلان رسمياً عن وفاة الحبر الأعظم أمام حشود ضخمة تجمعت في ميدان القديس بطرس حيث أقيمت صلوات على أضواء الشموع من اجل الرجل الذي صار يصفه بعض الكاثوليك بأنه "يوحنا بولس الكبير".

سيسجى جثمان البابا يوحنا بولس الثاني في بازيليك القديس بطرس بعد ظهر الاثنين. كما اعلن ان مجمع الكرادلة سيلتئم للمرة الاولى بعد وفاة البابا صباح الاثنين، من اجل وضع برنامج جنازة البابا.

إيطاليا أعلنت الحداد لثلاثة أيام فيما أفادت صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية ان البابا سيدفن يوم الأربعاء المقبل.

وحسب القواعد الكنسية فمن المقرر أن تمتد مراسم الحداد على البابا تسعة أيام، قبل أن يوارى جثمانه في سرداب اسفل كنيسة القديس بطرس، وبالتزامن مع ذلك سوف يبدأ مجمع الكرادلة لانتخاب رئيس جديد للكنيسة الكاثوليكية بعد ما يتراوح بين 15 و20 يوما باجتماع نحو120 كردينالا من أنحاء العالم في كنيسة بالفاتيكان لاختيار خليفة له.

وعلى مدى الأيام الماضية تواصلت الصلوات الجماعية في كافة أنحاء العالم من أجل البابا حيث تدفق عشرات الآلاف من المصليين إلى ساحة القديس بطرس في حاضرة الفاتيكان يحملون الشموع ويرددون الصلوات متطلعين بالأنظار والقلوب إلى غرفة البابا في لحظاته الأخير، وفي موطنه الأصلي بولندا, أقيمت صلوات في الكنائس في كافة أنحاء البلاد للدعاء من أجل شفاء الحبر الأعظم فيما احتشد السكان في بلدة وادويس, مسقط رأسه, لأداء صلوات في الكنيسة التي جرى تعميده فيها .

الدستور البابوي
وفي عهد البابا يوحنا بولس الثاني شهدت نشاطات الكرسي الرسولي أصداء إعلامية كبيرة فكان يجذب حشودا غفيرة في كل من تنقلاته وقد قام بـ 104 رحلات إلي الخارج زار خلالها 129 بلداً، كما كانت جموع كبيرة تحتشد للمشاركة في القداسات التي تقام في ساحة القديس بطرس لإعلان طوباويين وقديسين, وقد أعلن حتى اليوم 482 قديسا و1338 طوباوياً .

وحسب الدستور البابوي الذي أصدره يوحنا بولس الثاني ذاته عام 1996, تقام قداسات جنائزية لدى وفاة البابا على مدى تسعة أيام، يوارى بعدها الثري ما بين اليوم الرابع واليوم السادس الذي يلي الوفاة، وتحدد هذه الوثيقة المفصلة كل الإجراءات والممنوعات التي تلي وفاة البابا والمتعلقة بجنازته ودفنه وانتخاب خلفه, وبموجب دستور الفاتيكان, يقوم الأسقف كامرلنغ المكلف إدارة الممتلكات البابوية والمسؤول عندما يصبح المنصب شاغرا, بالدعوة لمجمع كرادلة بإثبات الوفاة رسميا، التي يعلنها الكاردينال أسقف روما، ويوارى البابا الثرى في كاتدرائية القديس بطرس إلا في حال نصت وصية بابوية على ترتيبات أخرى .

ويخطئ من يتصور أن البابا يوحنا بولس مجرد رقم في سلسلة الأحبار الذين جلسوا على السدة الباباوية، فالرجل مختلف في الكثير، فهو أول بابا يأتي من أوروبا الشرقية، ليكون أول بابا غير إيطالي يرأس الفاتيكان منذ450‏ سنة‏,‏ ولم يكن البابا يوحنا كسابقيه‏,‏ بل نجح الرجل في لعب أدوار ضخمة علي صعيد السياسة الدولية وسبب حرجا كبيرا للقوى الكبرى في العالم بعد آرائه الشجاعة‏,‏ وانتقاداته الصريحة لسياسات هذه القوى،‏ وبعد أن كان ساسة وصناع القرار في تلك القوى الكبرى لا يتذكرون حاضرة الفاتيكان إلا ليلة عيد الميلاد فقط، أصبحوا ينظرون بطرف عيونهم إلى البابا يوحنا قبيل اتخاذ أي موقف أو قرار كبير‏، ومن هنا كان البابا شاهدا على قيام ونهاية النازية والشيوعية والإبادات الجماعية والاتحاد السوفيتي، إضافة لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وغير ذلك من الأحداث الجسام إقليمياً ودولياً، كانت حاضرة الفاتيكان لاعباً "سرياً" في صناعتها .

السيرة الشخصية
حين كان في الثامنة والخمسين من عمره اختار مجمع الكرادلة البابا يوحنا بولس ليقود الكنيسة صوب القرن الحادي والعشرين، وهو الذي عُرف عنه أنه شاعر وفيلسوف ومتزلج محترف، واثناء انتخابه اعتبر رئيس أساقفة البرازيل أن اختياره بمثابة انتصار للعالم الثالث


وفي السيرة الشخصية فقد ولد كارول زيف فويتوا في بلدة وادفيتش بمقاطعة كراكوفيا البولندية في‏18‏ آيار (مايو)‏1920‏ من أب يعمل أستاذا في فن الخياطة وكان جنديا سابقا في الجيش النمساوي، وولد في تموز (يوليو)‏1879‏ وتوفي في شباط (فبراير) عام‏1941‏ ومن أم هي اميليا المولودة في آذار (مارس)‏1884‏ وتوفيت في نيسان (ابريل) عام‏1929,‏ وله شقيق واحد يدعى ادموند توفي في كانون أول (ديسمبر)‏1932‏ وهو لم يتجاوز بعد السادسة والعشرين من عمره بدأ كارول فويتوا تعليمه في المدارس البولندية ثم عاملا في أحد مناجم مقاطعة كراكوفيا خلال دراسته للأدب والفلسفة بجامعة ياجيلونيكا حتى تخرج فيها بدرجة امتياز عام‏1946,‏ ثم جرت طقوس رسامته في عام‏58‏ أسقفا‏,‏ وسافر مع مجموعة من الأساقفة في عام‏63‏ لزيارة الأماكن المقدسة‏,‏ وبعد عام واحد رقي لمنصب كبير أساقفة كراكوفيا ثم كاردينال بداية من العام ‏1967.‏

بعد البابوية
تحول اسم كارول فويتوا وعمره ‏58‏ عاما إلى البابا يوحنا بولس الثاني بعد أن تم انتخابه بتاريخ‏16‏ من تشرين الأول (أكتوبر) عام‏1978‏ لتولي منصب البابوية علي عكس جميع التوقعات والتكهنات علي اعتبار أنه لم يكن من بين المفضلين داخل الكرادلة بالفاتيكان‏,‏ كما أنه أول بابا غير إيطالي منذ القرن السادس عشر بعد الهولندي ادريانو فلورنس الذي انتخب عام ‏1522وحمل اسم البابا ادريانو السادس‏.


والبابا هو أسقف روما ورئيس الكنيسة الكاثوليكية بعد أن كان اللقب يطلق في بادئ الأمر علي جميع الأساقفة ثم اقتصر تدريجيا علي أسقف روما فقط‏,‏ ويتمتع البابا بصلاحيات أسقف روما وإيطاليا وبطريرك الغرب ورئيس الكنيسة الكاثوليكية العالمية‏،‏ واعتبارا من نهاية القرن السادس مارس البابا سيادته علي الأراضي التي أصبحت فيما بعد دولة البابوية

هذا ويتم انتخاب البابا بأغلبية ثلثي أصوات أعضاء مجمع الكرادلة وله صلاحيات وسلطات كاملة سامية وشاملة علي الكنيسة الكاثوليكية‏ .
ويحتل البابا يوحنا بولس الثاني المركز الثاني عشر في لائحة باباوات الفاتيكان من حيث طول مدة البابوية‏,‏ بعد أن أمضى في منصبه نحو ربع قرن‏,‏ في حين يتصدر القائمة البابا بيو الرابع الذي احتفظ بمنصب البابوية نحو ‏32‏ عاما اعتبارا من‏1846‏ وحتى العام ‏1878

محاولة الاغتيال
تعد محاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني في يوم‏13‏ أيار (مايو) عام‏1981‏ من أهم الأحداث العالمية‏,‏ ففي ذلك اليوم أطلق عليه التركي علي أغا رصاصتين في ساحة القديس بطرس أمام الفاتيكان من عيار‏9‏ مم فأصيب في بطنه‏،‏ ونقل بعدها إلى المستشفى حيث خضع للتدخل الجراحي لمدة ست ساعات كاملة لإخراج الرصاصتين.

وبعد خمسة أيام فقط رأس البابا قداس الأحد من نافذة غرفته بالمستشفى الذي نقلته وسائل الإعلام على الهواء مباشرة‏,‏ وقال خلاله جملته الشهيرة‏,‏ إنني أصلي من أجل الأخ الذي أصابني‏,‏ وأدعو له بالرحمة والسماح‏، وبعد‏22‏ يوماً من العلاج عاد البابا ليمارس مهامه من مقر الفاتيكان‏,‏ إلا أنه عاد للمستشفى مرة أخرى في‏20‏ حزيران (يونيو) من نفس العام لإجراء عملية جراحية أخرى لتطهير تلوث الجرح، وبعد عام، وبالتحديد في‏27‏ كانون أول (ديسمبر‏)1983‏ قام البابا بلفتة كريمة من خلال زيارته للتركي علي أغا في سجن ريبيبيا بالعاصمة روما .
ونظرا لدواعي الأمن بعد الحادث أصبح البابا يستخدم في تحركاته سيارة مصفحة ومغطاة بالزجاج الواقي من الرصاص أهديت إليه من قبل أحد أشهر مصانع السيارات الألمانية (مرسيدس بنز) وتصاحبه دائما علي طائرته خلال رحلاته الداخلية والخارجية ‏.

رحلات البابا
دافع البابا يوحنا بولس الثاني عن إفراطه في الترحال داخليا وخارجيا خلال لقائه بالأساقفة قائلا‏:‏ إن المسيح لم يقل لنا اجلسوا في الفاتيكان، لكنه قال لنا اذهبوا في كل مكان في العالم، فعلى مدى ربع قرن قام يوحنا بولس الثاني بنحو‏ مائة رحلة خارج إيطاليا، وحوالي‏135‏ في الداخل زار خلالها ‏123‏ دولة، وحوالي‏255‏ مدينة ومنطقة مختلفة داخل إيطاليا‏,‏ فقد ذهب إلى بلده بولندا سبع مرات‏,‏ وزار فرنسا ست مرات‏,‏ وكلا من الولايات المتحدة وأسبانيا أربع مرات‏,‏ وكانت أولى رحلاته إلى جمهورية الدومنيكان في كانون الثاني (يناير) من عام‏79,‏ وأحدثها إلى المكسيك، ثم سانت لويس عام 1999,‏ ومن عادة البابا أن يقوم بتقبيل أرض كل بلد يصل إليه‏,‏ أما الآن فقد استغنى عن هذه العادة نظرا لظروفه الصحية‏,‏ واكتفى بتقبيل فازة فخارية تحمل تراب البلد .
أما أطول رحلات البابا الخارجية فقد استغرقت‏14‏ يوما إحداها إلى أميركا الجنوبية والأخرى إلى جنوب شرق آسيا‏,‏ ويبلغ متوسط رحلاته السنوية ست رحلات التقى خلالها بأشهر زعماء العالم‏,‏ وفي مقدمتهم رؤساء الولايات المتحدة السابقون رونالد ريغان وجورج بوش الأب والسابق كلينتون‏,‏ والتقي بالرؤساء السابقين الأرجنتيني كارلوس منعم والجنوب أفريقي مانديلا والبولندي، فاليسا، والسوفيتي غورباتشوف‏,‏ بالاضافة إلى الرؤساء العرب المصري حسني مبارك عام‏94‏ والعاهل الأردني الراحل الملك حسين والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي يحمل الرقم القياسي بلقائه مع البابا تسع مرات، كانت آخرها بعد مراسم التوقيع علي الاتفاق بين الفاتيكان والسلطة الفلسطينية الذي أثار جدلا عنيفا من جانب الحكومة والأوساط الإسرائيلية‏ .
هذا وقد زار البابا أربع دول عربية هي‏:‏ المغرب في آب (أغسطس)‏ من العام 1985,‏ والسودان في شباط (فبراير) من العام 1993,‏ وتونس في نيسان (أبريل) من العام 1996,‏ وأخيراً لبنان في أيار (مايو) ‏من العام 1997.
ومن أشهر رحلات البابا زيارته التاريخية إلى كوبا في كانون الثاني (يناير) من العام ‏98‏ التي قام بتغطيتها رقم قياسي من رجال الإعلام وخاصة خلال لقائه مع الزعيم فيدل كاسترو وتأكيد البابا لمعارضته للحظر الأميركي المفروض علي الجزيرة حين قال إن العقوبات الاقتصادية ظالمة وغير مقبولة من الناحية الأخلاقية، وهي العبارة التي رددها كثيرا بعد ذلك لإبداء اعتراضه علي توقيع الحظر علي كل من ليبيا والعراق ومطالبته الولايات المتحدة والأمم المتحدة بإلغاء العقوبة غير العادلة التي تنعكس آثارها السيئة على شعوب هذه الدول‏,‏ إضافة لرحلته إلى البوسنة والهرسك عام‏97,‏ التي شدد خلالها علي مفهوم العفو والغفران علي اعتبار انه العلاج الوحيد لتضميد جراح الحرب الأهلية خلال الفترة من‏1991‏ وحتى العام ‏1995‏ وأدت إلى مصرع أكثر من‏270‏ ألف شخص ونزوح مليون عن منازلهم.

البابا القادم
أما اليوم، ومع أن قليلين يخوضون في تسمية خليفة البابا يوحنا بولس الثاني، فقد بدأت أسماء المرشحين البارزين تظهر، والتوجه العام يشير إلى انه حان الوقت للعودة إلى الإيطاليين مجدداً، وهذا البابا الذي سيصعب على خليفته أن ينافسه في دوره التاريخي، لم يحل مشاكل الكنيسة كافة، بل أثار بعضها، وقد عيّن حتى اليوم، اكثر من ثلاثة ارباع مجمع الكرادلة (أي 107 كرادلة من اصل 123) الذي سينتخب البابا الجديد، كما عيّن عددا من الأساقفة حول العالم، وهم سيصبحون كرادلة يوما ما، وبالتالي فان احدهم سيصبح بابا، مما يعني أن سياسته المحافظة ستسيطر على تعاليم الكنيسة في الاجيال المقبلة. لكن بعض المراقبين في الفاتيكان يتوقع ان يتم انتخاب مرشح يتمتع برؤية تقدمية، كي يقرب بين الكاثوليك الليبراليين والكاثوليك المتشددين.
أما هوية البابا فقد تكون الأمر الثاني الأكثر أهمية في عملية الخلافة، فالبابا يوحنا بولس الثاني البولندي كسر نحو 500 عام من البابوية الإيطالية، اما اليوم فان شعوب العالم الثالث تتطلع إلى بابا منها، وهو ما يفسر طرح أسماء من أميركا اللاتينية وآسيا .
ويجمع المراقبون للشؤون الكنسية على عدم وجود أي مرشح اميركي، ويشدّدون على إمكانية اختيار كاردينال متقدم في السن، يخدم وقتا اقصر من البابا يوحنا بولس الثاني .

كيف يتم الاختيار
في ظل الحديث عن انتخاب البابا، فإن نظرة سريعة إلى كيفية إجراء عملية الانتخاب، تشير إلى أن هذا الطقس البابوي إجراء مقدس يلتزم حرفيا كي يؤمّن الخلافة الشرعية للسلطة. فعندما يسلم البابا الروح، يتأكد رئيس مجمع الكرادلة او كامرلنغو Camerlengo من الوفاة فيناديه باسمه ثلاث مرات، وعندما لا يتلقى أي جواب يعلن الوفاة، ثم يُعد مراسم الدفن، بعد ان يكون كسر خاتم البابا المتوفى وختمه وصنع خاتما جديدا للبابا الجديد، ويساعده في الانتخابات ثلاثة من المجمع، وبعد مرور 15 إلى 20 يوما على موت البابا، يجتمع أعضاء المجمع المقدس لانتخاب بابا جديد .
وهذا المجمع مؤلف من 123 كاردينالا يتولون تقديم النصح للبابا ومدّه بالمساعدة. يقام قداس على نية الروح القدس في بازيليك مار بطرس، ثم ينعزل الكرادلة في بناء تابع للمبنى الرئيس، ويقسم كل منهم للحفاظ على سرية الانتخاب... في اليوم الثاني وبعد قداس في كنيسة "السيكستين" تبدأ جلسات الانتخاب. وحسب الاصلاحات التي وضعها البابا بولس السادس، فانه لا يحق للكرادلة الذين تتجاوز اعمارهم الثمانين ان يقترعوا. ويكون الاقتراع سرياً، وفي الماضي كان البابا يحتاج إلى ثلثي المقترعين زائد صوت واحد لينتخب، لكن البابا يوحنا بولس الثاني غيّر القاعدة في العام 1996 بحيث اذا لم يتمكن الكرادلة بعد 12 أو 13 يوما من التوافق على اسم واحد فانه يمكنهم اعتماد مبدأ الغالبية المطلقة (اي النصف زائد واحد)، صباح كل يوم عمليتا اقتراع، وفي فترة بعد الظهر عمليتان ايضا، الى أن يتم الانتخاب وبعد كل جلسة تُحرق الأوراق، وفي حال لم يحسم الامر تضاف مواد كيميائية إلى الأوراق، فينتج من ذلك الدخان الاسود، وهي الاشارة التي تُنبىء الجموع الموجودة في ساحة القديس بطرس إلى أن الكنيسة لم تحظ ببابا بعد.
وعندما يتوصل المجمع إلى قرار نهائي، ينشر كل كاردينال وشاحا ارجوانيا على كرسيه، اما وشاح البابا فيبقى مطويا، ثم تحرق أوراق الاقتراع النهائية وينبعث الدخان الابيض معلنا انتخاب البابا الجديد بعدها، يسأل عميد الكرادلة العضو المختار ان كان يقبل بالبابوية، وبعد القبول يُعلن اسم البابا الجديد، ويقدم له الكرادلة الاحترام والاجلال، ثم يخرج عميد الكرادلة إلى شرفة الفاتيكان معلناً: "لدينا بابا" ويظهر البابا الجديد ويبارك العالم الذي يترقبه .

ابرز المرشحين
* كاميللو رويني، 73 عاما، هو الممثل العام لأبرشية روما ورئيس المؤتمر الاسقفي الايطالي، عيّن كاردينالا في العام ،1991 هو من المحافظين الذين يمكنهم تهدئة الليبراليين
* جان شوتي، 77 عاما، ابقى على علاقاته الوطيدة مع الكرادلة حول العالم بصفته الامين العام لسينودوس الاساقفة، يتمتع هذا الكاردينال البلجيكي بعلاقات وطيدة ديبلوماسية تزيد من فرص نجاحه في الوصول الى البابوية.
* لوكاس موريرا نيفيس، 75 عاما، برازيلي يؤيد العزوبية في الكهنوت، ويعارض بشدة سياسة الحد من الإنجاب، حتى انه يعرف بخليفة البابا المفضل، وأخيرا جاء من البرازيل ليتولى رئاسة لجنة أساقفة الفاتيكان، وهو متمكن في الادارة البابوية ودوائر الفاتيكان، لكن يشاع انه يعاني مشاكل صحية .
* ديو نيغي تيتامانزي 68 عاما، اسقف جنوا شخصية محبوبة في ايطاليا. رقّي الى رتبة كاردينال في العام ،1998 وهو فرد جديد ينضم الى المجمع المقدس. معروف باعتداله، ويمكنه أن يوفق بين الليبراليين والمحافظين.
* فرنسيس ارينزي 67 عاما، كاردينال نيجيري، وهو وجه قيادي افريقي وصديق مقرب من البابا. ادى دورا اساسيا في تطوير ودفع الحوار قدماً بين الفاتيكان والاسلام والبوذيين والمجموعات الهندوسية. يتلاءم توجهه اللاهوتي المحافظ مع اجواء الفاتيكان الحالية.
* بيو لاغي، 77 عاما، ولد في فورلي في ايطاليا، وهو المدبر الرسولي في لجنة التعليم في روما، فضلا عن ذلك هو ديبلوماسي متمرس، كان مندوبا رسوليا في اورشليم وفلسطين، ويتصف لاغي بطيبته وانسانيته.
* كريستوفر شونبورن، 60 عاما، اسقف فيينا ولاهوتي محترم، انضم إلى المجمع المقدس في العام ،1998 ولد في تشيكوسلوفاكيا وانتقل وعائلته الى النمسا. عندما كان صغيرا اوكل اليه البابا مهمة اعداد كتاب جديد يشتمل على خلاصة عقيدة الكنيسة. العائق الذي يواجهه لتولي منصب البابا صغر سنه.
* برناردين غانتين، 76 عاما، صديق مقرب من البابا وهو جديد في الفاتيكان، كمدبر للجنة الاساقفة، وعميد مجمع الكرادلة، وقد ولد في بينين بأفريقيا وعلى غرار ارينزي قد يرى فرص نجاحه تتضاءل بسب اصله غير الأوروبي.
* جوزف راتزينجر، 77 عاما، نائب عميد مجمع الكرادلة. ولد في المانيا وكان احد اساقفة ميونيخ. يعرف راتزينجر بـ"الكاردينال المدرّع"، هو محافظ يتمتع بنفوذ في الفاتيكان، وقد يكون تقربه الكبير من البابا منافيا لتوجه الكرادلة.
* كارلو ماريا مارتيني، 75 عاما، اسقف ميلانو منذ العام ،1979 يعتبر اكثر تحررا من البابا يوحنا بولس الثاني في مسائل كوسائل منع الحمل ودور المرأة في الكنيسة.
* روجيه ايتشيغراي، 76 عاما، خدم كرئيس لمجلس الفاتيكان المتعلق بالقضاء والسلام، وهو من بايون في فرنسا. شغل منصب اسقف مارسيليا طوال 15 عاما.
* جان ماري لوستيجيي، 72 عاما، اسقف باريس. ولد في عائلة يهودية بولونية في فرنسا، بعد هجرة والديه من بولونيا اثناء الاحتلال النازي عاش مع عائلة مسيحية في اوليان واعتنق المسيحية وهو في الثالثة عشرة من العمر، ولطالما انتقده حاخامات اليهود، وانتخابه من شأنه أن يثير غضب المجتمع اليهودي بشدة .

وأخيراً
فإن حضور البابا يوحنا بولس الثاني في ذاكرة القرن العشرين لا ينكره أحد،‏ وإذا كانت المدة التي أمضاها على كرسي البابوية ‏(نحو ربع قرن‏)‏ تجعل منه البابا الأكثر بقاء في هذا المنصب في القرن العشرين‏,‏ فان هذه السنوات لم تمض هباء‏، فقد كان أول بابا يتعرض للاغتيال في تاريخ الكنيسة‏,‏ وهو أول من دخل كنيسة بروتستانتية من البابوات الكاثوليك‏,‏ وأول بابا غير إيطالي‏,‏ وأول من قام بكل هذه الزيارات خارج أسوار حاضرة الفاتيكان، وهذا قليل من كثير يجعل من البابا يوحنا بولس الثاني رجل دين من طراز خاص، ترك بصماته علي القرن العشرين‏ وأحداثه، التي قد يعرف أبناؤنا بعض تفاصيل أدواره السرية في صناعة تحولات جسام شهدها عالمنا ذات أيام خلت.