عزل القرى وضرب المنشآت
حرب تحويل اللبنانيين شعباً من الرحّل

بلال خبيز: بات واضحاً ان المخطط العسكري الإسرائيلي، والذي يستمر قدماً من دون ان يجد ما يوقفه فعلياً في ما يخص العملية التي تنفذها إسرائيل ضد

اقرأ أيضا

قصف طبرية للمرة الاولى وتل ابيب في مرمى النار

نداء لانقاذ اهالي عين ابل الحدودية من الحصار

تجمع في عمان احتجاجا على الهجوم الاسرائيلي

غارة اسرائيلية تدمر المقر العام لحزب الله

اللبنانيون يتهافتون على شراء الوقود والمواد الغذائية

إسرائيل: الصاروخ الذي اصاب البارجة ايراني الصنع

اسرائيل : تصفية نصر الله في اول فرصة سانحة

رفضت القوات الدولية استقبال اهالي مروحين ..فقصفتهم إسرائيل

بوش يحمل حزب الله المسؤولية ويطالب بتدخل سوري

الوزاري العربي ينطلق في القاهرة بجلسة مغلقة

لبنان، يستهدف quot;حزب اللهquot; في استخدامه للشبكات المدنية، ففضلاً عن ضرب المصانع والمعامل التي تعود ملكيتها إلى بعض القريبين من quot;حزب اللهquot;، يبدو ان الخطة الإسرائيلية تستهدف عسكرياً اليوم محطات الوقود الموجودة في الجنوب اللبناني، وذلك في محاولة لشل حركة الحزب الآلية. وكانت الأعمال العسكرية في اليومين الماضيين قد انجزت تقريباً عزل القرى بعضها عن بعض عبر ضرب الطرق التي تصل القرى في ما بينها الامر الذي يجعل كل قرية معزولة عن محيطها ، مما يصعب على مقاتلي quot;حزب اللهquot; تالياً الانتقال الميداني. وكان جنرالات الجيش الإسرائيلي قد استخدموا طريقة مماثلة في تقطيع أوصال المنطقة نفسها عام 1982، عندما قامت الطائرات الحربية بضرب الجسور الرئيسية التي تصل بين المناطق، كما أنزلت مظليين يرابطون على مداخل القرى والطرق الرئيسية لشل حركة الإمداد الحربي للمقاتلين الفلسطينيين واللبنانيين وعزل الضباط الميدانيين عن قياداتهم العليا، مما جعل القوات الفلسطينية واللبنانية تخبط في مناطقها خبط عشواء.

يبدو واضحاً في هذه المعركة الحالية ان quot;حزب اللهquot; يملك شبكة اتصالاته الخاصة والتي لا يعتمد فيها كثيراً على قنوات البنية التحتية المدنية، من شبكة الإنترنت الخاصة إلى شبكة الاتصالات السلكية بين المواقع. ما يجعل عزل القيادات عن قواعدها صعباً، ويبقي الجهوزية العامة لدى المقاتلين على أتم اشكالها، خصوصاً على مستوى تعيين الصورة الشاملة في الميدان وعلى الجبهة والقدرة على قراءة المعطيات والتصرف على أساسها في عمليات الرد والمواجهة.

اليوم تعمد طائرات العدو إلى قطع الطرق واستهدافها بهدف تخويف المدنيين من التنقل على هذه الطرق، وتالياً حصر استعمالها بالمقاومين انفسهم الذين تسهل في هذه الحال مراقبتهم من الجو طالما ان التسيد الإسرائيلي في الجو لا راد له. هذا الاستغلال الحاسم للتفوق الجوي ليس عظيم التأثير على المقاتلين انفسهم ولا على قياداتهم لكنه قد يؤثر كثيراً على خطوط الإمداد. وإذا ما ترافق هذا التوجه مع توجه بدأت تظهر ملامحه يهدف إلى ضرب محطات الوقود فعلياً كما تدل على ذلك مؤشرات عديدة، فإن فقدان الوقود وندرته سيؤديان بالضرورة إلى تقنين حركة quot;حزب اللهquot; الآلية حتى حدودها الدنيا. وفي هذا المجال، تبدو قائمة الاستهدافات هائلة وطويلة، فمن أجل محاصرة المقاتلين يبدو ان الجنرالات في quot;تساحالquot; قرروا ضرب كل الاستخدامات المدنية الممكنة والتي لا بد للمقاتلين من استعمالها يومياً للبقاء، من شراء التبغ في المحلات الصغيرة وصولاً إلى أفران الخبز. ذلك ان قادة quot;تساحالquot; يظنون على الأرجح ان quot;حزب اللهquot; لم يحتط لهذه الجوانب، وليس ممكناً على كل حال ان يحتاط أي حزب لكل هذه الجوانب كأن تكون لديه مخازنه العسكرية السرية ومطابخه وأفرانه ومحطات وقوده.

حين يتحدث رئيس الحومة اللبنانية فؤاد السنيورة عن خطورة الوضع الذي يمر به لبنان، وعن كون هذا الوضع غير مسبوق في صعوبته لا في 1982 ولا في 1993 ولا في 1996، وان العدوان الإسرائيلي قطع أوصال البلاد فعلياً، فإن ذلك لا يعد مبالغة على الإطلاق. وقد يبدو ان جيش الدفاع الإسرائيلي وهو يقود عملية البحث عن الأسيرين الذين خطفهما quot;حزب اللهquot;، لن يكتفي بتقطيع أوصال المناطق بل يريد ايضاً تجويع الناس ومنعهم من التنقل نهائياً، ولن يمر وقت طويل على الإصرار على تنفيذ هذه الخطة البالغة القسوة حتى تصبح السيارات والآليات التي يملكها اللبنانيون جميعاً والجنوبيون منهم على وجه خاص غير ذات فائدة على الإطلاق.

كان الجنرال ماك آرثر يقول قبل القاء القنبلة الذرية على هيروشيما إن القصف على اليابان لن يتوقف حتى يتحول اليابانيون شعباً من الرحل. والأرجح أن جنرالات الجيش الإسرائيلي يريدون تحويل اللبنانيين شعباً من الرحل هذه المرة ايضاً، شعباً يقضي حتفه في الباصات والسيارات التي لا تستطيع التنقل والتي ترفض استقبالها البعثات الدولية في أي مكان.